والسيد الأستاذ ، ناقش في المشهور ، بناء منه على إنكار المسبّب ، إلّا بالمعنى الذي اختاره ، حيث ذكر (١) أن لكل من السبب والمسبّب معنيين.
فتارة يكون معنى السبب ، هو الإنشاء الصادر من المكلّف ، ومعنى المسبّب ، هو حكم العقلاء ، أو حكم الشارع بالتمليك بعوض.
وأخرى يكون معنى السبب ، هو المبرز للإنشاء سواء كان قولا كما في العقد ، أو فعلا كما في المعاطاة ، ومعنى المسبّب ليس هو حكم العقلاء أو حكم الشارع ، بل هو الاعتبار النفساني الشخصي القائم في نفس البائع ، فالبائع حينما يبيع الكتاب من زيد بدرهم ، فهو يعتبر زيدا مالكا للكتاب في مقابل تملكه الدرهم.
فأما المعنى الأول للسبب والمسبّب ، فهو غير وارد في المقام ، إذ أن المسبّب بهذا المعنى ، هو فعل للشارع أو للعقلاء ، وليس فعلا للبائع ، فلا يحتمل أن يقال ، بأن لفظ البيع موضوع للمسبّب ، إذ لا إشكال في أنه موضوع لما يكون فعلا من أفعال البائع ، ولهذا ينسب إليه ، فيقال «باع زيد» ، فلو كان موضوعا للمسبّب بالمعنى الأول ، لكان خلافا للوجدان.
وأما السبب والمسبّب بلحاظ المعنى الثاني ، فكلاهما يتصف بالصحة والفساد ، لأن السبب عبارة عن الإنشاء المبرز قولا أو فعلا ، فهو يتصف بالصحة والفساد ، والمسبّب عبارة عن الاعتبار النفساني وهذا الاعتبار إن كان قد صدر من البائع بلا إكراه وأبرز بلفظ دال عليه ، حكم بصحته ، وإن كان قد صدر ممّن ليس له اعتبار ، حكم بفساده.
إذن فالنزاع بين الصحيحي والأعمي ، كما يجري بناء على أن أسماء المعاملات موضوعة للأسباب ، فكذلك يجري النزاع بناء على أنها موضوعة للمسبّبات.
__________________
(١) محاضرات فياض / ج ١ ص ١٨٤ ـ ١٨٨ ـ ١٩٠ ـ ١٩٤.