وما أفاده «مدّ ظله» ، بناء على المعنى الثاني الذي اختاره صحيح ، ولكن من المعلوم ، أن المشهور ليس مرادهم المعنى الثاني ، بل مرادهم المعنى الأول ، ومن ثمّ قالوا بأن المسبّب لا يتصف بالصحة والفساد ، لأن التمليك بعوض ، هو روح الصحة ولا معنى لأن يكون فاسدا.
وأمّا ما أورده على المعنى الأول ، فجوابه ، أن يقال : أن المسبّب بالمعنى الأول ، وإن كان فعلا مباشريا للشارع ، ولكنه فعل تسبيبي للبائع ، فالبائع بحسب الحقيقة ينسب إليه فعلان ، فعل مباشري وهو الإنشاء ، وفعل تسبيبي وهو التمليك بعوض ، وإن شئت قلت ، بأن نتيجة المعاملة لها فاعلان ، فاعل تسبيبي وهو البائع ، وفاعل مباشري وهو الشارع ، تماما كالإحراق الذي هو فعل مباشري للنار ، وفعل تسبيبي لملقي الورقة ، والفعل التسبيبي هو مقصود ضمنا في مقام إنشاء المعاملة ، فإن المقصود ضمنا من كل معاملة ، هو التسبب إلى النتيجة ، وهذا مطلب دقيق ، إذ قد يتخيّل في بادئ الأمر أن تمام ما يوقع البائع والمشتري ، إنما هو اللفظ والاعتبار ، فينشئ أحدهما «بعت» والآخر «قبلت» وفي عالم الجعل والاعتبار ، البائع يعتبر المشتري مالكا للكتاب بدرهم ، والمشتري يعتبر البائع مالكا للدرهم في مقابل الكتاب ، مع أن القضية ليست كذلك ، فإن هذا الاعتبار وإن كان موجودا في نفس البائع ونفس المشتري ، ولكنه موجود وجودا استطراقيا للتسبب به إلى اعتبار قانون من قبل الشارع الإلهي أو العقلائي ، وذلك لأنه إن أريد بهذا الاعتبار النفساني ، مجرد التوصل إلى النتيجة التكوينية ، وهي كون الكتاب تحت يد المشتري ، والدرهم تحت يد البائع ، فهذا لا يتوقف على الاعتبار ، بل بمجرد التوافق والتراضي بين الطرفين ، يمكن التوصل إلى هذه النتيجة ، فالاعتبار يكون لغوا ، إذن فالمقصود بالاعتبار ، إيجاد الإلزام من الطرفين ، بحيث أن البائع يكون ملزما بمطلب ، والمشتري يكون ملزما بمطلب آخر ، والإلزام مرجعه إلى قانون أسبق فوق إرادة الطرفين مجعول من قبل الشارع الإلهي ، أو الشارع العقلائي ، فالاعتبار هنا إنما هو استطراق إلى تطبيق قانون ملزم ، لا بدّ