وتحقيق الكلام : أن ما أفاده المحقق والجماعة هو الصحيح ، حيث أننا نرى بالوجدان ، أن هناك فرقا بين أن يكون دليل الإمضاء متعلقا بالسبب ، وبين أن يكون متعلقا بالمسبّب ، ففي الأول يتمسك بإطلاقه وفي الثاني لا معنى للتمسك بهذا الإطلاق. وتوضيح نكتة المطلب بحيث ينحل الإشكال الذي أورده السيد الأستاذ ، يكون بالكلام في مرحلتين :
المرحلة الأولى :
أن نفهم ، معنى إمضاء السبب ، ومعنى إمضاء المسبّب.
المرحلة الثانية :
بعد أن نفهم معنى ذلك ، نرى أنه هل فيه إطلاق أو ليس فيه إطلاق.
أما إمضاء المسبّب ، فليس معناه ما ذكره السيد الأستاذ (١) ، من أنه إمضاء الإمضاءات (٢) العقلائية ، لترتب ذلك على وجود مشرع عقلائي في المرتبة السابقة ، فننقل الكلام إلى هذا المشرّع العقلائي ، فنرى أن العقلاء أنفسهم تارة يمضون السبب وأخرى يمضون المسبّب ، ونسأله ، ما معنى إمضاء المسبّب!. فهل هو بدوره يلتفت إلى جاعل ومشرع قبله؟. وهكذا لا ينتهي الأمر إلى نتيجة.
إذن فليس معنى إمضاء المسبّب ، هو إمضاء الإمضاءات العقلائية ، بل من الواضح ، أن إمضاء المسبّب بلحاظ المشرع الأول ، وهو العرف العقلائي ، أو بلحاظ المشرّع الثاني ، وهو العرف الإلهي ، هو بمعنى واحد وهو إعطاء القدرة على النتيجة ، فالمشرّع إلهيا كان ، أو عقلائيا ، حينما يسنّن جواز التمليك بعوض يقصد بذلك ، أنه أقدر العباد ، ومكّنهم مثلا من أن يملكوا المال بعوض لا أن يملكوا النفس بعوض ، ثم إن القدرة التي أعطيت إن كانت
__________________
(١) أجود التقريرات / الخوئي : ج ١ ص ٤٨ ـ ٤٩.
(٢) محاضرات فياض / ج ١ ص ١٩٠ ـ ١٩١ ـ ١٩٢.