وبناء على هذا المدّعى ، يتوصل المتنازعان إلى الثمرة المقصودة ، لأنه بناء على مدّعى الصحيحي ، فيما إذا ورد اللفظ ، وعلم عدم إرادة المعنى اللغوي به ، حينئذ يحمل على المعنى الصحيح ، لأن إرادة الأعم منه تتوقف على العناية الزائدة ، وهي فرض تنزيل الفاسد منزلة الصحيح ، وهذه العناية على خلاف الأصل ، فالأصل عدم إعمال هذه العناية ، فيحمل اللفظ دائما على المعنى الصحيح.
وبناء على مدّعى الأعمي ، يحمل اللفظ في المقام على الأعم ، لأن إرادة الصحيح يحتاج إلى عناية زائدة ، وهي الإتيان بدال آخر على قيد الصحة ، وحيث لا يوجد دال آخر ، فبمقتضى جريان مقدمات الحكمة يحمل اللفظ على الجامع. وبهذا البيان يتوصل المتنازعان إلى الثمرة المقصودة.
لكن هذه الصيغة غير صحيحة ، لأن الدعويين من البعيد أن يقول بهما الصحيحي والأعمي.
وذلك لأن افتراض الأعمي غير عقلائي في المقام وإن كان عقلائيا في أسماء الأجناس ، تحفّظا على كون الاستعمال حقيقيا ، يؤتى بدال آخر على الخصوصية ، ولا يتأتى ذلك في المقام ، لأن نسبة اللفظ إلى الأعمي والصحيحي على حد واحد ، إذ كلاهما مجاز ، لا أنه حقيقة في أحدهما ومجاز في الآخر ، وإذا كان الأمر كذلك ، فما هو المبرر العقلائي لاستعمال اللفظ في الأعم ، ليحتاج إلى دال آخر على الخصوصية ، وعلى هذا كيف يتصور النزاع؟.
كما أن افتراض الصحيحي غير صحيح في المقام ، لأن كثيرا ما يراد الفاسد بما هو فاسد بكلمة الصلاة ، فمثلا ، نقول ، الصلاة الفاسدة ، أو نقول الصلاة إمّا صحيحة وإمّا فاسدة ، فلم نستعمل اللفظ في الصحيح ولم نعمل عناية التنزيل ، فكثيرا ما يقع لفظ الصلاة في لسان الشارع ويراد به الفاسد بما هو فاسد فيقال «هذه الصلاة غير صحيحة». ففي هذا الاستعمال لم ينزل