الفاسد منزلة الصحيح ، وإلّا لقيل «هذه صلاة صحيحة». فهذه الصيغة لتصوير النزاع أيضا غير تامة.
الصيغة الثالثة :
يمكن تصوير النزاع بين الصحيحي والأعمي بغير ما ذكر ، وذلك بتقريبات أخرى.
منها أن يقال : بأن الصحيحي والأعمي اللذين ينكران الحقيقة الشرعية والوضع في أيام النبي (ص) إمّا أن يعترفا بثبوت الوضع في زمن متأخر عن زمن النبي (ص) ـ في زمن الأئمة (ع) ـ وإما أن ينكرا الوضع أصلا ، ويقولا بأن استعمال اللفظ في المعنى الشرعي إنما كان مع القرينة ، فعلى الأول يمكن تصوير النزاع ، في أنه ما هو المعنى الموضوع له في هذا الزمن المتأخر ، هل هو الصحيح أو الأعم؟. وعلى الثاني يمكن تصوير النزاع بما أشار إليه المحقق الخراساني في الكفاية (١) ، بأن يقال ، بأن كلا المتنازعين يعترفان بأن القرينة على المعنى الشرعي قرينة عامة لا قرينة خاصة بحيث في كل مورد مورد يوجد قرينة خاصة ، وحينئذ ، يختلفان في مدلول القرينة العامة ، فالصحيحي (٢) يقول بأن الشارع استعمل اللفظ في المعنى الشرعي مجازا ، ونصب قرينة عامة ، ومدلولها عبارة عن مجموع الأجزاء والشرائط ، التي بها يكون العمل صحيحا ، فمتى ما أطلق اللفظ ووجدت القرينة العامة الصارفة عن المعنى اللغوي يحمل على الصحيح ، والأعمي (٣) يقول عكس ذلك ، بأن مدلول القرينة العامة عبارة عن المعنى الشرعي ، لكن بمرتبة من مراتبه ، كمرتبة الأركان الخمسة مثلا ، فمتى ما وجدت القرينة العامة الصارفة عن المعنى
__________________
(١) حقائق الأصول / الحكيم : ج ١ ص ٥٣.
(٢) حقائق الأصول / الحكيم : ج ١ ص ٥٤.
(٣) محاضرات فياض / ج ١ ص ١٣٥ ـ ١٣٦.