عند العمل ، وبذلك يعلم عدم تماميّة ما أورده المحقّق الخراساني حيث قال : ولا يخفى أنّه لا وجه لتفسيره بنفس العمل ، ضرورة سبقه عليه ، وإلّا كان بلا تقليد ، فافهم (١) ولعلّ الأمر بالفهم إشارة إلى ما ذكرناه ، من أنّ التقليد يتحقّق بنفس العمل إذا كان مقترناً بالاستناد ، ولا يشترط سبقه عليه ، بل يكفي تحقّقه به.
إذا عرفت ما ذكرناه ، فاعلم أنّ الظاهر أنّ التقليد اصطلاحاً ، هو نفسه لغة ، وقد سبق أنّ المادّة إذا صيغت من باب التفعيل تكون بمعنى جعل القلادة في عنق الغير ، وإذا صيغت من باب التفعّل تكون بمعنى جعل القلادة في عنق النفس ، ففرق بين قولنا : قلّدتُه ، وتقلّدتُ أو قلّدت المرأة وتقلّدت هي ، فالمقلِّد ، من يجعل القلادة في عنق الغير ، والمتقلِّد من يجعل القلادة في عنق نفسه ، فإذا كان البحث مركّزاً على تحقيق معنى التقليد ، يكون معناه من يقلّد الآخر ، فلا ينطبق إلّا على المعنى الثالث ، وليس هنا شيء يشبه القلادة إلّا عمله ، فكأنّه يتلقّاه قلادة ويجعل في عنق المجتهد ، بمعنى جعله مسئولاً عن صحّة عمله وفساده وبراءة ذمّته واشتغالها ، وهذا لا يتحقّق إلّا بنفس العمل لا بالأخذ ولا بالالتزام ، وليس العامّي إلّا مقلّداً ـ بالكسر ـ وأمّا المجتهد فهو المقلّد ـ بالفتح ـ أو المتقلّد ـ بالكسر ـ.
ويؤيد ذلك أمران :
١ ـ ما رواه الكلينيّ بسند صحيح عن أبي عبيدة (الحذَّاء) قال : قال أبو جعفر (عليهالسلام) : «من أفتى النّاس بغير علم ولا هدى من الله لعنته ملائكة الرّحمة وملائكة العذاب ، ولحقه وزر من عمل بفتياه» (٢).
__________________
(١) كفاية الأُصول : ٢ / ٤٧٢ ، فصل في التّقليد. هذا.
(٢) الوسائل : ١٨ / ٩ ح ١ ، الباب ٤ من أبواب صفات القاضي.