٢ ـ ما رواه عبد الرّحمن بن الحجّاج ، قال : كان أبو عبد الله (عليهالسلام) قاعداً في حلقة ربيعة ، فجاء أعرابيّ ، فسأل ربيعة الرّأي عن مسألة فأجابه ، فلمّا سكت ، قال له الأعرابيّ : أهو في عنقك؟ فسكت عنه ربيعة الرّأي ولم يردّ عليه شيئاً ، فأعاد المسألة عليه فأجابه بمثل ذلك ، فقال له الأعرابيّ : أهو في عنقك؟ فسكت ربيعة ، فقال أبو عبد الله (عليهالسلام) : «هو في عنقه ، قال : أو لم يقل : وكلُّ مفت ضامن» (١).
وأمّا إذا فسّرنا التقليد بالالتزام أو بالأخذ ينعكس الأمر ، ويكون معناه : أنّ المقلِّد يجعل فتوى المجتهد ورأيه قلادة لنفسه أو يتّخذها ربقة في عنقه فلا يفتحها إلّا إذا بلغ درجة الاجتهاد ، ولكنّه يناسب معنى المتقلِّد لا المقلِّد ، وعلى ما ذكرناه فالمجتهد مقلَّد ومتقلِّد والعامي مقلِّد محض.
فإن قلت : هل ورد عنوان التقليد موضوعاً لحكم شرعيّ ، حتّى نبذل الجهد في تحقيق معناه أوّلاً؟
قلت : لم يرد عنوان التقليد في النّصوص إلّا في الحديث المنقول في التفسير المنسوب إلى الإمام العسكريّ (عليهالسلام) حيث روي عنه (عليهالسلام) بعد الكلام في العلماء الفُسّاق : «فأمّا من كان من الفقهاء صائناً لنفسه ، حافظاً لدينه ، مخالفاً لهواه ، مطيعاً لأمر مولاه ، فللعوام أن يقلّدوه ، وذلك لا يكون إلّا بعض فقهاء الشّيعة لا كلّهم ...» (٢) والرّواية ليست بحجّة لإرسالها ، بل هو أشبه بكلام العلماء ، حتّى ضعّفه الحرّ العامليّ (رضي الله عنه) وقال : «إنّ هذا الحديث لا يجوز عند الأُصوليين الاعتماد عليه في الأُصول ولا في الفروع لأنّه خبر واحد مرسل ، ظنّي السّند والمتن ، ضعيفاً عندهم» (٣).
__________________
(١) الوسائل : ١٨ / ١٦١ ح ٢ ، الباب ٧ من أبواب آداب القاضي.
(٢ ـ ٣) المصدر نفسه : ١٨ / ٩٤ و ٩٥ ح ٢٠ ، الباب ١٠ من أبواب صفات القاضي.