ذلك يصحّ العمل ـ إذا كان عبادة ـ من الجاهل القاصر أو المقصّر الغافل (١) فيما لو أتيا بالعمل مع قصد القربة وكان مطابقاً لفتوى المجتهد الّذي يجب الرّجوع إليه فعلاً. بل ربّما يقال بالصحّة إذا كان مطابقاً لفتوى من كان يجب الرّجوع إليه حين العمل.
وكذلك الحال لو لم يكن العمل عبادة ، كما لو عقد على امرأة بالفارسيّة أو غسل المتنجّس بالبول مرّة بلا تقليد ، فيصح له ترتيب الأثر (٢) إذا وافق عمله رأي من يجب عليه الرّجوع إليه فعلاً ، وعلى قول إذا وافق رأي من كان يجب عليه الرّجوع إليه حين العمل من غير تأثير للتّقليد الفعليّ. فالميزان للصحّة إمّا كون العمل مطابقاً لفتوى من كان يجب عليه تقليده حين العمل فيحكم بالإجزاء ، أو مطابقاً لفتوى من يجب عليه تقليده فعلاً ويحكم بالإجزاء ، فالمؤثر تحقّق أحد الأمرين لا عنوان التقليد.
وأمّا الثالث : فالحكم بالإجزاء وعدمه بالنّسبة لأعمال المجتهد ومقلّديه راجع إلى براءة الذمّة وسقوط التّكليف بالعمل بالرأي السابق وعدمهما.
وأمّا الرّابع : فجواز العدول وعدمه راجع إلى سعة وضيق حجيّة فتوى المجتهد ، فإن كانت حجّة في خصوص ما عمل ، جاز له العدول إلى غيره في غيره ، وإن كانت حجّة فيما أخذ وتعلّم ، جاز له في غير ما تعلّم ، وإن كانت حجّة في كلّ ما التزم به إجمالاً ، لم يجز مطلقاً. فالميزان هو تحديد موضوع حجيّة رأي المجتهد هل
__________________
(١) قيل : الظّاهر تحقّق قصد القربة في العبادة رجاءً من المقصّر الملتفت ، ولو طابق عمله الواقع أو فتوى من يجب الرّجوع إليه فعلاً صحّ كالمقصّر الغافل.
(٢) أي الحكم الوضعيّ من حليّة المرأة ، والطّهارة.