والحقّ أنّ المسألة غير مبنيّة على تحقيق معنى التقليد (١) ، بل هي مبنيّة على سعة وضيق الدّليل القائم على جواز البقاء على التقليد ، ولا محيص للفقيه عن دراسة الأدلّة فنقول :
إذا كان المستند لتجويز البقاء على تقليد الميّت هو الاستصحاب ، كفى في ذلك وجود التَّعاصر ، وكون المقلِّد بالغاً حال حياة المجتهد الرّاحل ، ففتواه كانت حجّة والأصل بقاؤها على الحجيّة. وبما أنّه أشبه بتقليد الميّت ابتداءً فمن المحتمل قويّاً شمول معقد الإجماعات المنقولة لهذا القسم من البقاء ، ومنه يظهر حال ما لو كان المستند هو السيرة العقلائيّة ، فإنّ التمسّك بها على سعتها ، يوجب إلحاق بعض أقسام البقاء بالتّقليد الابتدائيّ ، فلا محيص عن التنزّل عن هذه السّعة إلى دائرة أضيق فنقول :
١ ـ كفاية الالتزام بالعمل بفتاواه في جواز البقاء.
٢ ـ لزوم الأخذ والتعلّم والذّكر لفتاواه ، فيجوز البقاء فيما تعلّم وكان ذاكراً له.
٣ ـ اشتراط الاستناد في مقام العمل إلى فتواه فيجوز البقاء في ما عمل به.
والتّحقيق عدم اشتراط الثالث ، وذلك أنّ مقتضى الرّوايات الإرجاعيّة حجيّة فتوى المفتي على المقلّد وإن لم يعمل بها حال حياة المفتي. كما أنّ مقتضى السيرة العقلائية الجارية على رجوع الجاهل إلى العالم فيما جهله ، عدم الفرق بين كون العالم باقياً على الحياة عند العمل بقوله وعدمه. ولم يكن يدور في خلد أحد ممّن أرجعهم الإمام (عليهالسلام) إليهم أنّ العمل بما أخذ وتعلّم حال حياة المفتي ، شرط في جواز البقاء بعد رحيله.
فيدور الأمر بين شرطيّة الأخذ والتعلّم مع الذّكر في جواز البقاء ، وبين كفاية مجرّد الالتزام بالعمل بفتاواه كما التزم به السيّد الطباطبائي (قدسسره) في العروة ، ولكن
__________________
(١) تقدّم ما يفيد في المقام عند البحث عن معنى التّقليد اصطلاحاً فراجع.