لا شبهة في عدم صدق الرّجوع إلى الميّت ابتداءً فيما لو تعلّم خصوصاً إذا كان ذاكراً له ، بل هو رجوع إلى ما تعلّمه في حال حياة المفتي ، بخلاف ما إذا لم يتعلّم واقتصر على مجرّد الالتزام ، فإنّ الرّجوع إلى الميّت أشبه بالتّقليد الابتدائي وقد تقدم عدم جوازه.
وعليه فالأحوط ـ إن لم يكن أقوى ـ البقاء في خصوص ما تعلّم إذا كان ذاكراً له (١).
هذا تحقيق المسألة على وجه كليّ فيما إذا كانت فتوى الحيّ مخالفة لفتوى الميّت ، وإلّا فلا شكّ في جواز البقاء إذ لا خصوصيّة للشّخص وإنّما المهمّ هو العمل بالطريق والمفروض وحدته فيهما لتوافقهما في الفتوى.
ثمّ إنّ البقاء ـ فيما إذا كانت هناك مخالفة ـ تارة يكون واجباً ، وأُخرى غير جائز وثالثة جائزاً.
أمّا الأوّل ففيما إذا كان الميّت أعلم من الحيّ المجوّز للبقاء ، فلو أحرز المقلّد أعلميّة الميّت وجب البقاء على تقليده بإجازة الحيّ.
وأمّا الثّاني ففيما إذا انعكس الأمر كما هو واضح.
وأمّا الثالث ففيما إذا كانا متساويين أو كان الميّت أعلم ، لكن كانت فتوى الحيّ غير الأعلم مطابقة للاحتياط.
ثمّ إنّ الحكم بالتّخيير فيما إذا كانا متساويين ، إمّا لأجل الإجماع على التّخيير كما ادّعاه الشّيخ الأنصاريّ (رضي الله عنه) وتبعه سيّدنا الأُستاذ (٢) وإن كان مورد تأمّل لكون المسألة من المسائل المستحدثة ، وإمّا لأجل أنّ الوظيفة عندئذ هي العمل
__________________
(١) لعلّه مع النّسيان يكون تقليداً ابتدائيّاً من الميّت.
(٢) قال الإمام الخميني (قدّه): «... وهذا حكم مسلّم بين الفقهاء وأرسلوه إرسال المسلّمات من غير احتمال إشكال فيه ، مع أنّه خلاف القاعدة فإنّها تقتضي تساقطهما ، فالحكم بالتخيير بنحو التسلّم في هذا المورد المخالف للقاعدة لا يكون إلّا بدليل شرعيّ وصل إليهم أو للسيرة المستمرّة إلى زمن الأئمة (عليهمالسلام) كما ليست ببعيدة ...» (الرّسائل ـ رسالة الاجتهاد والتّقليد : ١٥٧).