هذا والّذي يمكن أن يكون دليلاً على حجيّة الظّن الانسداديّ في حقّ العامّي أمران :
الأوّل : الإجماع على جواز التّقليد.
الثاني : جريان مقدّمات دليل الانسداد في حقّ العاميّ بحيث تكونُ منتجة لحجّية الظّن الثابتة حجّيّته بمقدّماته أيضاً.
والدّليل الأوّل باطل لعدم الاجماع تحقّقاً ، حيث إنّ المسألة من المستحدثات ، وكذلك الثّاني لعدم جريان مقدّمات دليل الانسداد في حقّ العامّي ، وذلك لأنّ من مقدّماته (أي المقدّمة الثالثة) بطلان تقليد المجتهد الانسداديّ للقائل بالانفتاح ، وذلك لأنّ الانسداديّ يخطّئُ الانفتاحيّ ، فلا يمكن تقليده ، وهذا بخلاف العاميّ ، لتمكّنه من تقليد الانفتاحيّ.
ولو فرض انحصار المجتهد بالانسداديّ فلا يلزم من ترك العمل بقوله واللّجوء إلى الاحتياط ، محذور اختلال النّظام وإن لزم منه العسر ، فيتعيّن عليه الاحتياط وإن استلزم العسر ما دام قاصراً عن إثبات عدم وجوب الاحتياط مع فرض العسر.
هذا كلّه إذا كان المجتهد قائلاً بحجيّة الظّن من باب الحكومة ، وأمّا لو كان قائلاً بحجيّته من باب الكشف ، فالّذي يستنبطه وإن كان حكماً شرعيّاً ، ويكونُ الرّجوع إليه من قبيل رجوع الجاهل إلى العالم ، إلّا أنّ أدلّة التقليد لا تساعد على جواز الرّجوع إليه لاختصاص حجّية الظنّ بمن جرت في حقّه مقدّمات الانسداد دون غيره. (انتهى المراد من كلامه (رضي الله عنه) بتصرّف منّا).
يلاحظ عليه أوّلاً : أنّ دليل الجواز ، ليس جريان مقدّمات الانسداد في حقّ العامّي حتّى يقابل بما سمعت ، بل جريان الانسداد في حقّ المجتهد كاف في عموميّة النتيجة وشموليّتها له ولغيره ، واختصاص حجيّة الظنّ بمن جرت في حقّه