مقدّمات الانسداد ممنوع ، وذلك لأنّه بعد طيّ العقبات والمراحل ، لا يستنبط إلّا حكماً كليّاً أو وظيفة كليّة لا شخصيّة لنفسه ، فقيامه بالإجراء كاف في شمول الحجّية (١).
هذا وإنّ القول بجريان مقدّمات الانسداد في حقّه دون غيره لعدم وجود مباديها في الغير ، لا يوجب اختصاص النتيجة به ، وذلك لما ذكرناه من كون الحكم المستنبط والوظيفة كذلك ، كليّين.
وبالجملة : قوام مقدّمات الانسداد به وجريانها في حقّه دون غيره ، لا يصير دليلاً على خصوصيّة النتيجة مع فرض الوظيفة الإلهيّة كليّة لعامّة المكلّفين.
والمقام أشبه بالتّقليد في نتائج الأُصول ، فإنّه ليس للعاميّ يقين ولا شكّ وليس عارفاً بشرائط الأُصول ، ومع ذلك يكون الحكم المستنبط بالأُصول نافذاً في حقّ الجميع ، فإنّ استصحاب النجاسة في الماء المتغيّر الزّائل تغيّرُه بنفسه ، حجّة على الجميع ، لأنّ المستصحب حكم الله المشترك بين الكلّ ، لا الحكم المتوجّه إلى المستنبط خاصة ، وإن كانت مقدّمات الاستنباط قائمة بالمجتهد وليس للعامّي حظّ فيها.
وثانياً : أنّ مورد التّقليد لا ينحصر بما إذا كان الموجود حكماً من أحكام الله الفرعية ، بل يكفي فيه كونه وظيفة لازمة على العباد ، والانسداديّ على الحكومة وإن لم يستنبط حكم الله الفرعيّ إلّا أنّه استنبط الوظيفة العامّة للعباد ، نظير استنباط الانفتاحيّ بالأُصول العقليّة كالبراءة والاشتغال العقليّتين.
__________________
(١) وبعبارة أُخرى أنّ العقل لا يفرّق في رجوع الجاهل بالوظيفة إلى العالم بها بين الانفتاحيّ القائل بانحلال العلم الإجماليّ بما في موارد الظنون الخاصّة وبين الانسداديّ القائل بعدم انحلاله ، فكما أنّ الأوّل عالم بالوظيفة الشرعيّة الظّاهرية كذلك الثاني عالم بالوظيفة العقلية الظاهرية وهو الأخذ بالأقرب إلى الواقع ، لعلمه بعدم الوظيفة الشرعية.