فالتمسك بالجميع غفلة عن شرائط انعقاد الإطلاق (١).
الرابع : صحيح أبي خديجة حيث قال (عليهالسلام) : «إيّاكم أن يحاكم بعضكم بعضاً إلى أهل الجور ، ولكن انظروا إلى رجل منكم يعلم شيئاً من قضايانا فاجعلوه بينكم ، فإنّي قد جعلته قاضياً فتحاكموا إليه» (٢).
ردّ الاستدلال بوجوه :
أ ـ إنّ الوارد فيها لفظ العلم ، وهو لا يشمل المقلّد ، لأنّ العلم عبارة عن الاعتقاد الجازم المطابق للواقع.
يلاحظ عليه : أنّه خلط بين العلم المصطلح عليه في علم المنطق ، والعلم الوارد في الكتاب والسنّة والمراد من الأوّل ما ذكر. ومن الثّاني ما قامت عليه الحجّة ، وإلّا لزم عدم صحّة قضاء نفس المجتهد ، لعدم علمه بالواقع ، والعلم بالحكم الظاهري مشترك بين المجتهد والمقلِّد.
ب ـ إنّ الرّواية محمولة على صورة الاضطرار وعدم التمكّن من لقاء من يعرف الأحكام عن أدلّتها التفصيلية ، والسؤال عنه ، وبما أنّ الشيعة كانوا متفرّقين آنذاك في بلاد نائية ، ولم يكن في كلّ بلد وصقع من يعرف الأحكام بالدّليل ، اكتفى
__________________
(١) التمسّك بالإطلاق في المقام نظير تمسّك بعضهم بإطلاق قوله تعالى : (فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ) (المائدة ـ ٥) على أنّه يجوز الأكل ممّا أمسكت الجوارح بأنيابها بلا لزوم غسل مواضعها ، مع أنّ الآية بصدد بيان شيء آخر وهو حليّة ما أمسكته وأنّه من الطيّبات لا المحرمات ، وأمّا أنّه هل يؤكلُ مطلقاً أو بعد الغسل فليست بصدد بيانه حتّى يتمسّك بالإطلاق.
وهناك وجه آخر وهو أنّ الآيات والرّوايات بمعزل عن باب القضاء ، لأنّ المراد من الحقّ هو الحقّ في الشّبهات الحكميّة والحقّ في باب القضاء يرجع إلى الحقّ في الشّبهات الموضوعية غالباً كما لا يخفى. (منه حفظه الله).
(٢) الوسائل : ١٨ / ٤ ح ٥ ، الباب ١ من أبواب صفات القاضي.