الوظيفة عند فقدان النصّ لما أمكن له الاستنباط ، وليس للفقيه مناص من تنقيح هذه المباحث.
هذا وإنّ أُصول الفقه في زماننا وإن كانت متكاملة بالقياس إلى أُصول فقه السابقين ، لكنّها تحتاج إلى بعض التنقيح والتهذيب وذلك بإعمال أمرين :
الأوّل : حذف ما لا فائدة في البحث عنه سوى تشحيذ الأذهان كالبحوث المطروحة في مقدمة كتب الأُصول ، فإن أكثرها تدور بين كونها بحوثاً أدبيّة أو فلسفية ، فلا يلزم البحث عنها. نعم ، هناك مباحث مهمّة لا بأس بإحلالها مكانها كالبحث عن الحسن والقبح والملازمات العقلية المستقلّة وغير المستقلّة ، ولو لا هذه المباحث وتنقيحها لما صحّ للفقيه الاستدلال بالبراءة والاشتغال أو الحكم بوجوب المقدّمة وحرمة ضدّها أو كون القضية ذات مفهوم ، وقد بحث عنها صاحب الفصول ، وحذفها صاحب الكفاية وتبعه آخرون.
الثاني : ذكر الفروع المترتّبة على تلك القواعد الأُصولية حتى يحصل التمرين والتدريب ، فإنّ ذكر القواعد مجرّدة عن المثال الحقيقي لا يكون مفيداً. ويجب تنقيح المباحث الأُصولية عن اجتهاد فإنّها مباني الاستنباط ، وإلّا لا يمكن تحصيله ، ولا يقاس هذا بالمبادئ البعيدة كالقواعد العربيّة ومعاني المفردات فإنّها لا تعد من مبانيه.
الرّابع : علم الرّجال ومعرفة الثقات والضّعاف ، حتى ينقَّح السّند القويّ من الضّعيف والصحيح من السقيم ، ومعرفة الراوي والمرويّ عنه والتلاميذ والمشايخ لتمييز السند المتصل عن المقطوع والمرسل ، ومعرفة مكانة الرّجاليّين في مقدار الاعتماد على أقوالهم.
ثمّ إنّه لو قلنا بأنّ الملاك في قبول الخبر هو وثاقة الرّاوي وأنّ عمل المشهور به غير جابر له لو كان ضعيفاً وإعراضه عنه غير موهن له لو كان قويّاً ، تكون