ما صدر عن تقيّة عمّا صدر عن غيرها ، وأمّا المذاهب الأربعة المعروفة فإنّها صارت رائجة بعد أعصارهم (عليهمالسلام).
ولعلّ أحسن كتاب في هذا الموضوع كتاب الخلاف للشيخ الطوسيّ (رضي الله عنه) ، ونقترح على مشايخ الحوزة أن يجعلوا معرفة المذاهب مادة خاصة في تعلّم الفقه حتى يقف الفقيه على كيفية تطوّر الفقه ويتعرف على الّذين كان لهم مذهب فقهيّ غير أصحاب المذاهب المعروفة ، وكانوا معاصرين لأئمة أهل البيت (عليهمالسلام) ومنصوبين من جانب الخلفاء وكانت لهم السّلطة والقوّة ، والأئمة (عليهمالسلام) يتّقون منهم ، والتعرّف على فتاوى هؤلاء هو الميزان لتمييز التقيّة من غيرها لا فتاوى أمثال الشافعيّ المتوفّى في أوائل عصر الإمام الجواد (عليهالسلام) (٢٠٤ ه ـ) (١) أو ابن حنبل المتوفّى في عصر الإمام الهادي (عليهالسلام) (٢٤١ ه ـ) (٢).
السابع : معرفة الشّهرات الفتوائيّة ، وقد وقفت على أهميّتها عند البحث عن حجيّتها ، في محلِّه وقلنا : إنّ الشّهرة على أقسام ثلاثة : روائية ، عمليّة ، فتوائيّة ، والأخيرة كاشفة عن وجود النصّ والوسطى توجب خروج المعارض عن الحجيّة.
الثامن : ممارسة الفروع الفقهيّة حتّى تحصل له ملكة الاستنباط ، ولولاها لما انتقلت الملكة من عالم القوّة إلى عالم الفعل. وقد كانت مجالس العلماء سابقاً حافلة بذكر الفروع الفقهيّة وكانت عمليّة التدريب على هذا الأساس ، إلّا أنّه قلّت العناية بها في الآونة الأخيرة ، وحلّت مكانها البحوث السياسيّة والاجتماعية.
__________________
(١) وولادته ـ كما في هدية الأحباب للمحدّث القمي (رضي الله عنه) ـ يوم وفاة أبي حنيفة المدفون في بغداد سنة ١٥٠ ه ـ ووفاته في مصر في آخر رجب من السنّة المذكورة أعلاه. (هدية الأحباب : ١٧٩).
(٢) وولادته ـ كما في هديّة الأحباب : ٦٤ ، سنة ١٦٤ ه ـ ووفاته في بغداد في السنة المذكورة أعلاه.