خير ـ زاد النسائي ـ وليكفر عن يمينه».
ومن جهة المعنى أن الكفارة إنما هي لرفع الإثم ، وما لم يحنث لم يكن هناك ما يرفع فلا معنى لفعلها. وأيضا فإن كل عبادة فعلت قبل وجوبها لم تصح اعتبارا بالصلوات وسائر العبادات.
وثالثها : قال الشافعى : تجزئ بالإطعام والعتق والكسوة ولا تجزئ بالصوم ؛ لأن عمل البدن لا يقدم قبل وقته. ويجزئ في غير ذلك تقديم الكفارة» (١).
٦ ـ أخذ العلماء من قوله ـ تعالى ـ (وَاحْفَظُوا أَيْمانَكُمْ) أن من الواجب على المؤمن أن يقلل من الأيمان فلا يلجأ إليها إلا عند الضرورة ، وأن يحرص على أن يكون صادقا فيها حتى لا يحتاج إلى التكفير عنها ؛ وأن يبادر إلى التكفير عنها إذا كانت المصلحة تستدعى الحنث فيها ، لما سبق أن ذكره القرطبي من حديث أبى موسى الأشعرى وحديث عدى بن حاتم.
ولما رواه الشيخان عن عبد الرحمن بن سمرة قال : قال النبي صلىاللهعليهوسلم يا عبد الرحمن بن سمرة ، لا تسأل الإمارة فإنك إن أوتيتها عن مسألة وكلت إليها ، وأن أوتيتها عن غير مسألة أعنت عليها. وإذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيرا منها فكفر عن يمينك وأت الذي هو خير».
هذا «وقد ساق صاحب المنار في نهاية تفسيره لهذه الآية بحوثا تتعلق بالأيمان فقال ما ملخصه :
(أ) لا يجوز في الإسلام الحلف بغير الله تعالى ـ وأسمائه وصفاته ، لما رواه الشيخان من حديث ابن عمر : «من كان حالفا فلا يحلف إلا بالله» ورويا عنه أيضا أن النبي صلىاللهعليهوسلم سمع رجلا يحلف بأبيه فقال : «إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم ، فمن كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت».
روى أحمد والبخاري وأصحاب السنن عن ابن عمر أيضا قال : كان أكثر ما يحلف به النبي صلىاللهعليهوسلم يحلف : لا ومقلب القلوب.
وهذه الأحاديث الصحيحة صريحة في حظر الحلف بغير الله تعالى ويدخل النبي صلىاللهعليهوسلم في عموم غير الله وكذلك الكعبة وسائر ما هو معظم شرعا تعظيما يليق به.
(ب) ثم قال ويجوز الحنث للمصلحة الراجحة فقد روى الشيخان وأحمد عن عبد الرحمن ابن سمرة قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إذا حلفت على يمين ورأيت غيرها خيرا منها فأت الذي هو خير وكفر عن يمينك وفي رواية فكفر عن يمينك وأت الذي هو خير».
وينقسم الحلف باعتبار المحلوف عليه إلى أقسام :
__________________
(١) تفسير القرطبي ج ٦ ص ٢٧٥.