تثبت الحقوق ، وتمنع التنازع ولهذا شدد الإسلام في ضرورة كتابة الوصية ، والشخص قوى معافى ، ففي صحيح مسلم عن ابن عمر أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «ما حق امرئ مسلم له شيء يريد أن يوصى فيه يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده».
قال ابن عمر ـ راوي هذا الحديث ـ : ما مرت على ليلة منذ سمعت رسول الله قال ذلك إلا وعندي وصيتي» (١).
٢ ـ الإشهاد على الوصية في الحضر والسفر ، ليكون أمرها أثبت ، والرجاء في تنفيذها أقوى ، فإن عدم الإشهاد عليها كثيرا ما يؤدى إلى التنازع وإلى التشكك في صحتها.
٣ ـ شرعية اختيار الأوقات والأمكنة والصيغ المغلظة التي تؤثر في قلوب الشهود وفي قلوب مقسمى الأيمان ، وتحملهم على النطق بالحق.
قال صاحب المنار : ويشهد لاختيار الأوقات جعل القسم بعد الصلاة ، ومثله في ذلك اختيار المكان ومما ورد في السنة في ذلك ما رواه مالك وأحمد وأبو داود. عن جابر مرفوعا ، «لا يحلف أحد عند منبري كاذبا إلا تبوأ مقعده من النار».
ويشهد بجواز التغليظ على الحالف في صيغة اليمين ـ بأن يقول فيه ما يرجى أن يكون رادعا للحالف عن الكذب ـ ما جاء في الآيات الكريمة من قوله ـ تعالى ـ (فَيُقْسِمانِ بِاللهِ ـ إِنِ ارْتَبْتُمْ ـ لا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَناً وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى ، وَلا نَكْتُمُ شَهادَةَ اللهِ إِنَّا إِذاً لَمِنَ الْآثِمِينَ) (٢).
٤ ـ جواز تحليف الشهود إذا ارتاب الحكام أو الخصوم في شهادتهم ، وقد روى عن ابن عباس أنه حلف المرأة التي شهدت في قضية رضاع بين زوجين.
٥ ـ جواز شهادة غير المسلمين على المسلمين عند الضرورة. وقد بسط الإمام القرطبي القول في هذه المسألة على ثلاثة أقوال :
الأول : أن الكاف والميم في قوله (اثْنانِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ) ضمير للمسلمين ، وفي قوله (أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ) للكافرين. فعلى هذا تكون شهادة أهل الكتاب على المسلمين جائزة في السفر إذا كانت وصية. وهو الأشبه بسياق الآية ، مع ما تقرر من الأحاديث.
وهو قول ثلاثة من الصحابة الذين شاهدوا التنزيل وهم : أبو موسى الأشعرى وعبد الله بن مسعود وعبد الله بن عباس ، وتبعهم في ذلك جمع من التابعين ، واختاره أحمد بن حنبل وقال :
__________________
(١) صحيح مسلم ج ٥ ص ٧٠
(٢) تفسير المنار ج ٧ ص ٢٢٧ ـ بتصرف وتلخيص ـ