وجمهور العلماء يحرمون الأكل من الذبيحة متى ذكر مع اسم الله آخر سواء أكان ذلك بالعطف أم بدونه.
وذهب جماعة من التابعين إلى تخصيص الغير بالأصنام ، وإلى حل ذبائح أهل الكتاب مطلقا والتحريم هنا ليس لذات الحيوان ، بل لما صحبه من عمل فيه شرك بالله ـ تعالى ـ ثم ذكر ـ سبحانه ـ أربعة أنواع أخرى من المحرمات فقال : (وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ ، وَالْمُتَرَدِّيَةُ ، وَالنَّطِيحَةُ).
والمنخنقة : هي التي تموت خنقا إما قصدا بأن يخنقها آدمي. وإما اتفاقا بأن يعرض لها من ذاتها ما يخنقها.
والموقوذة : هي التي تضرب بمثقل غير محدد كخشب أو حجر حتى تموت وكانوا في الجاهلية يضربون البهيمة بالعصى حتى إذا ماتت أكلوها.
والوقذ : شدة الضرب. وفلان وقيذ أى : مثخن ضربا. ويقال : وقذه يقذه وقذا : ضربه ضربا حتى استرخى وأشرف على الموت.
قال القرطبي : وفي صحيح مسلّم عن عدى بن حاتم قال قلت يا رسول الله فإنى أرمى بالمعراض الصيد فأصيب؟ ـ والمعراض : وهو سهم يرمى به بلا ريش وأكثر ما يصيب بعرض عوده دون حده ـ فقال النبي صلىاللهعليهوسلم : «إذا رميت بالمعراض فخزق ـ أى نفذ وأسال الدم ـ فكله. وإن أصاب بعرضه فلا تأكله».
والمتردية : هي التي تتردى أى : تسقط من أعلى إلى أسفل فتموت من التردي مأخوذ من الردى بمعنى الهلاك سواء تردت بنفسها أم رداها غيرها.
والنطيحة : هي التي تنطحها أخرى فتموت من النطاح يقال : نطحه ينطحه وينطحه أى أصابه بقرنه.
والمعنى : وحرم الله عليكم كذلك ـ أيها المؤمنون ـ الأكل من المنخنقة ، والموقوذة ، والمتردية ، والنطيحة ، إذا ماتت كل واحدة من هذه الأنواع لهذه الأسباب دون أن تذكوها ذكاة شرعية ، لأن الأكل منها في هذه الحالة يعود عليكم بالضرر.
وتاسع هذه المحرمات ذكره ـ سبحانه ـ في قوله : (وَما أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا ما ذَكَّيْتُمْ).
المراد بالسبع كل ذي ناب وأظفار من الحيوان. كالأسد والنمر والذئب ونحوها من الحيوانات المفترسة.
وقوله (ذَكَّيْتُمْ) من التذكية وهي الإتمام. يقال : ذكيت النار إذا أتممت اشتعالها.