اضطراب ، بل يسيران من أجل منفعتكم ومصلحتكم بنظام ثابت ، كما قال ـ تعالى ـ : (لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَها أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ ، وَلَا اللَّيْلُ سابِقُ النَّهارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) (١).
وأنه ـ سبحانه ـ أوجد النجوم مسخرات بأمره وإذنه ، لكي تهتدوا بها في ظلمات البر والبحر.
هذا وقد قرأ جمهور القراء هذه الأسماء : الليل والنهار ... إلخ بالنصب على المفعولية لفعل «سخر» كما قرأ الجمهور. أيضا. «مسخرات» بالنصب على الحالية.
وقرأ ابن عامر : «والشمس والقمر والنجوم» بالرفع على الابتداء ، وقرأ ـ أيضا قوله ـ «مسخرات ، بالرفع على أنه خبر عنها.
وقرأ حفص برفع النجوم ومسخرات ، على أنهما مبتدأ وخبر : أما بقية الأسماء السابقة فقرأها بالنصب.
وقوله «بأمره» متعلق بمسخرات. والمراد بأمره : إرادته ومشيئته وتدبيره ، الجاري على هذا الكون وفق حكمته وإذنه.
ثم ختم ـ سبحانه ـ الآية بقوله : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ).
أى : إن في ذلك المذكور من تسخير الليل والنهار وغيرهما لمنفعتكم ومصلحتكم ـ يا بنى آدم ـ لآيات بينات ، ودلائل واضحات ، على وجوب العبادة لله ـ تعالى ـ وحده ، لقوم يعقلون نعم الله ـ تعالى ـ ، ويستدلون بها على وحدانيته ـ سبحانه ـ وقدرته.
وشبيه بهذه الآية قوله ـ تعالى ـ (إِنَّ رَبَّكُمُ اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ، ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ ، يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّراتٍ بِأَمْرِهِ. أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ ، تَبارَكَ اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ) (٢).
وقوله ـ سبحانه ـ : (وَما ذَرَأَ لَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُخْتَلِفاً أَلْوانُهُ) .. معطوف على ما قبله من النعم وأصل الذرأ : الخلق بالتناسل والتوالد عن طريق الحمل والتفريخ.
قال القرطبي : ذرأ الله الخلق يذرؤهم ذرءا ، أى خلقهم ، ومنه الذرية وهي نسل الثقلين ، والجمع الذراري ، ويقال : أنمى الله ذرأك وذروك أى : ذريتك.
__________________
(١) سورة يس الآية ٤٠.
(٢) سورة الأعراف الآية ٥٤.