هذا ، ومن الآيات التي تشبه هذه الآية قوله ـ تعالى ـ : (خَلَقَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها ، وَأَلْقى فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ ..) (١).
وقوله ـ تعالى ـ : (أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهاداً. وَالْجِبالَ أَوْتاداً) (٢).
ثم بين ـ سبحانه ـ نعما أخرى لما ألقاه في الأرض فقال : (وَأَنْهاراً وَسُبُلاً لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ). أى : وجعل في الأرض «أنهارا» تجرى من مكان إلى آخر ، فهي تنبع في مواضع. وتصب في مواضع أخرى ، وفيها نفع عظيم للجميع ، إذ منها يشرب الناس والدواب والأنعام والنبات.
وجعل فيها كذلك طرقا ممهدة ، يسير فيها السائرون من مكان إلى آخر. «لعلكم تهتدون» بتلك السبل إلى المكان الذي تريدون الوصول إليه. بدون تحير أو ضلال.
وقد كرر القرآن الكريم هذا المعنى في آيات كثيرة ، منها قوله تعالى ـ : (وَاللهُ جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ بِساطاً. لِتَسْلُكُوا مِنْها سُبُلاً فِجاجاً) (٣).
والمراد بالعلامات في قوله ـ تعالى ـ : (وَعَلاماتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ) الأمارات والمعالم التي يضعها الناس على الطرق بإلهام من الله ـ تعالى ـ للاهتداء بها عند السفر.
والمراد بالنجم : الجنس ، فيشمل كل نجم يهتدى به المسافر.
أى ومن مظاهر نعمه ـ أيضا ـ ، أنه ـ سبحانه ـ جعل في الأرض معالم وأمارات من جبال كبار ، وآكام صغار ، وغير ذلك ، ليهتدى بها المسافرون في سفرهم ، وتكون عونا لهم على الوصول إلى غايتهم ، وبمواقع النجوم هم يهتدون في ظلمات البر والبحر ، إلى الأماكن التي يبغون الوصول إليها.
والضمير «هم» في قوله (وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ) يشمل كل سالك في ظلمات البر والبحر ، ويدخل فيه دخولا أوليا أهل مكة ، لأنهم كانوا كثيرى الأسفار للتجارة ، كما كانوا معروفين بالاهتداء في سيرهم بمواقع النجوم.
__________________
(١) سورة لقمان الآية ١٠.
(٢) سورة النبأ الآيتان ٦ ، ٧.
(٣) سورة نوح الآيتان ١٩ ، ٢٠.