تخوف المتعدى بمعنى تنقص. وهذا الثاني لغة هذيل ، وهي من اللغات الفصيحة التي جاء بها القرآن» (١).
والمعنى على الأول : أو يأخذهم وهم في حالة خوف وتوقع لنزول العذاب بهم ، كما نزل بالذين من قبلهم.
وإلى هذا المعنى أشار ابن كثير بقوله : وقوله : (أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلى تَخَوُّفٍ). أى : أو يأخذهم الله ـ تعالى ـ في حال خوفهم من أخذه لهم ، فإنه يكون أبلغ وأشد حالات الأخذ ، فإن حصول ما يتوقع مع الخوف شديد ...» (٢).
والمعنى على الثاني : أو يأخذهم وهم في حالة تنقص في أنفسهم وأموالهم وأولادهم حتى يهلكوا ، فيكون هلاكهم قد سبقه الفقر والقحط والمرض ، وفي ذلك ما فيه من عذاب لهم ، وحسرة عليهم.
قال القرطبي : وقال سعيد بن المسيب : بينما عمر بن الخطاب ـ رضى الله عنه على المنبر قال : أيها الناس ما تقولون في قول الله ـ عزوجل ـ : (أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلى تَخَوُّفٍ). فسكت الناس.
فقال شيخ من بنى هذيل : هي لغتنا يا أمير المؤمنين. التخوف : التنقص.
فقال عمر : أتعرف العرب ذلك في أشعارهم؟ قال نعم ؛ قال شاعرنا أبو كبير الهذلي يصف ناقة تنقص السير سنامها بعد اكتنازه :
تخوّف الرحل منها تامكا قردا |
|
كما تخوّف عود النّبعة السّفن |
فقال عمر : أيها الناس : عليكم بديوانكم شعر الجاهلية ، فإن فيه تفسير كتابكم ومعاني كلامكم» (٣).
وختم ـ سبحانه ـ الآية الكريمة بقوله : (فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ) لبيان فضله ـ سبحانه ـ على عباده ، حيث لم يعاجلهم بالعقوبة ، بل أمهلهم لعلهم يتوبون إليه ويستغفرونه.
__________________
(١) تفسير التحرير والتنوير. للشيخ محمد الطاهر بن عاشور.
(٢) تفسير ابن كثير ج ٤ ص ٤٩٤.
(٣) تفسير القرطبي ج ١٠ ص ١١٠. وتخوف في البيت بمعنى تنقص ، والرحل : السفر. والتامك : المرتفع. والقرد المتراكم لحمه بعضه فوق بعض من السمن. والنبعة : شجرة من أشجار الجبال يتخذ منها القسي. والسفن : كما يتنقص المنشار أو ما يشبهه أعواد الأشجار.