فيها المنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة ، وما عدا عليها السبع.
وكان الأكل من الميتة محرما ، لفساد جسمها بسبب ذبول أجزائه وتعفنها ، ولأنها أصبحت بحالة تعافها الطباع السليمة لقذارتها وضررها.
والدم المحرم : هو ما يسيل من الحيوان الحي كثيرا كان أم قليلا وكذلك يحرم من دم الحيوان ما جرى منه بعد ذبحه ، وهو الذي عبر عنه القرآن بالمسفوح ..
والحكمة في تحريم الدم المسفوح ، أنه تستقذره النفوس الكريمة ، ويفضى شربه أو أكله إلى الإضرار بالنفس ..
وحرمة الخنزير شاملة للحمه ودمه وشحمه وجلده. وإنما خص لحمه بالذكر لأنه المقصود بالأكل ، ولأن سائر أجزائه كالتابعة للحمه ...
ومن الحكم في تحريم لحم الخنزير : قذارته ، واشتماله على دودة تضر بآكله ، كما أثبت ذلك العلم الحديث.
وقوله : (وَما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ) معطوف على ما قبله من المحرمات.
والفعل (أُهِلَ) مأخوذ من الإهلال بمعنى رفع الصوت ، وكانوا في الجاهلية إذا أرادوا ذبح ما قربوه إلى آلهتهم ، سموا عليها أسماءها فيقولون : باسم اللات أو باسم العزى ، رافعين بذلك أصواتهم.
فأنت ترى أن تحريم الميتة والدم ولحم الخنزير كان لعله ذاتية في تلك الأشياء ، أما تحريم ما أهل لغير الله به ، بسبب التوجه بالمذبوح إلى غير الله ـ عزوجل ـ.
وقوله ـ تعالى ـ : (فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) بيان لحالات الضرورة التي يباح للإنسان فيها أن يأكل من تلك المحرمات.
واضطر : من الاضطرار وهو الاحتياج إلى الشيء بشدة.
والمعنى : فمن ألجأته الضرورة إلى أكل شيء من هذه المحرمات ، حالة كونه «غير باغ» ، أى : غير طالب للمحرم وهو يجد غيره ، أو غير طالب له على جهة الاستئثار به على مضطر آخر ، «ولا عاد» أى : ولا متجاوز في أكله ما يسد الجوع ويحفظ الحياة «فإن الله» ـ تعالى ـ «غفور» واسع المغفرة لعبادة «رحيم» كثير الرحمة بهم (١).
__________________
(١) إذا أردت التفصيل لتفسير هذه الآية فارجع الى تفسير الآية رقم ١٧٣ من سورة البقرة ص ٣٥٠ للمؤلف.