ولفظ (أُمَّةً) يطلق في اللغة بإطلاقات متعددة ، منها : الجماعة ، كما في قوله ـ تعالى ـ : (وَلَمَّا وَرَدَ ماءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ) (١) أى : جماعة من الناس ...
ومنها : الدين والملة ، كما في قوله ـ تعالى ـ : (إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ ..) (٢) أى : على دين وملة.
ومنها : الحين والزمان كما في قوله ـ سبحانه ـ : (وَلَئِنْ أَخَّرْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِلى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ) (٣). أى : إلى زمان معين ..
والمراد بقوله ـ سبحانه ـ : (إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً ..) أى : كان عنده من الخير ما كان عند أمة ، أى جماعة كثيرة من الناس ، وهذا التفسير مروى عن ابن عباس.
وقال مجاهد : سمى ـ عليهالسلام ـ أمة لانفراده بالإيمان في وقته مدة ما.
وفي صحيح البخاري أنه قال لزوجته سارة : ليس على الأرض اليوم مؤمن غيرى وغيرك.
ويصح أن يكون المراد بقوله ـ تعالى ـ : (إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً ..) أى : كان إماما يقتدى به في وجوه الطاعات. وفي ألوان الخيرات ، وفي الأعمال الصالحات ، وفي إرشاد الناس إلى أنواع البر ، قال ـ تعالى ـ : (وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قالَ إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً ..) (٤).
ووصفه ثانيا ـ بأنه كان «قانتا لله» أى مطيعا لله ، خاضعا لأوامره ونواهيه ، من القنوت وهو الطاعة مع الخضوع.
ووصفه ـ ثالثا ـ بأنه كان ، حنيفا ، أى : مائلا عن الأديان الباطلة إلى الدين الحق. من الحنف بمعنى الميل والاعوجاج ، يقال : فلان برجله حنف أى اعوجاج وميل.
ومنه قول أم الأحنف بن قيس وهي تداعبه :
والله لو لا حنف برجله |
|
ما كان في فتيانكم من مثله |
ووصفه ـ رابعا ـ بأنه منزه عن الإشراك بالله ـ تعالى ـ فقال : (وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ).
__________________
(١) سورة القصص الآية ٢٣.
(٢) سورة الزخرف الآية ٢٢.
(٣) سورة هود الآية ٨.
(٤) سورة البقرة الآية ١٢٤.