٥ ـ وسورة الإسراء من السور المكية ، ومن المفسرين الذين صرحوا بذلك دون أن يذكروا خلافا في كونها مكية. الزمخشري ، وابن كثير ، والبيضاوي ، وأبو حيان.
وقال الآلوسى : وكونها كذلك بتمامها قول الجمهور.
وقيل : هي مكية إلا آيتين : (وَإِنْ كادُوا لَيَفْتِنُونَكَ) ... (وَإِنْ كادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ).
وقيل : إلا أربعا ، هاتان الآيتان ، وقوله ـ تعالى ـ : (وَإِذْ قُلْنا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحاطَ بِالنَّاسِ ...).
وقوله ـ سبحانه ـ : (وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ ...) (١).
والذي تطمئن إليه النفس أن سورة الإسراء بتمامها مكية ـ كما قال جمهور المفسرين ـ لأن الروايات التي ذكرت في كون بعض آياتها مدنية ، لا تنهض دليلا على ذلك لضعفها ...
والذي يغلب على الظن أن نزول هذه السورة الكريمة : أو نزول معظمها ، كان في أعقاب حادث الإسراء والمعراج.
وذلك لأن السورة تحدثت عن هذا الحدث ، كما تحدثت عن شخصية الرسول صلىاللهعليهوسلم حديثا مستفيضا ، وحكت إيذاء المشركين له ، وتطاولهم عليه ، وتعنتهم معه ، كمطالبتهم إياه بأن يفجر لهم من الأرض ينبوعا ...
وقد ردت السورة الكريمة على كل ذلك ، بما يسلى الرسول صلىاللهعليهوسلم ويثبته ، ويرفع منزلته ، ويعلى قدره ... في تلك الفترة الحرجة من حياته صلىاللهعليهوسلم وهي الفترة التي أعقبت موت زوجه السيدة خديجة ـ رضى الله عنها ـ وموت عمه أبى طالب ...
٦ ـ (أ) وعند ما نقرأ سورة الإسراء نراها في مطلعها تحدثنا عن إسراء الله ـ تعالى ـ بنبيه صلىاللهعليهوسلم من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ، وعن الكتاب الذي آتاه الله ـ تعالى ـ لموسى ـ عليهالسلام ـ ليكون هداية لقومه ، وعن قضاء الله في بنى إسرائيل ...
قال ـ تعالى ـ : (سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى ، الَّذِي بارَكْنا حَوْلَهُ ، لِنُرِيَهُ مِنْ آياتِنا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ. وَآتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ وَجَعَلْناهُ هُدىً لِبَنِي إِسْرائِيلَ ، أَلَّا تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلاً. ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كانَ عَبْداً
__________________
(١) تفسير الآلوسى ج ١٥ ص ٢.