الناس في حاجة إلى العناية والرعاية ، لأنهم في الغالب يفضلون الاكتفاء بالقليل ، على إراقة ماء وجوههم بالسؤال.
وفي الصحيحين عن أبى هريرة أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «ليس المسكين الذي يطوف على الناس فترده اللقمة واللقمتان ، والتمرة والتمرتان ، قالوا : فما المسكين يا رسول الله؟ قال الذي لا يجد غنى يغنيه ، ولا يفطن له فيتصدق عليه ، ولا يسأل الناس شيئا».
وابن السبيل : هو المسافر المنقطع عن ماله سمى بذلك ـ كما يقول الآلوسى ـ لملازمته السبيل ـ أى : الطريق ـ في السفر. أو لأن الطريق تبرزه فكأنها ولدته» (١).
وهذا النوع من الناس ـ أيضا ـ في حاجة الى المساعدة والمعاونة ، حتى يستطيع الوصول إلى بلده.
وفي هذا الأمر تنبيه إلى أن المسلمين وإن اختلفت أوطانهم ينبغي أن يكونوا في التعاطف والتعاون على متاعب الحياة كالأسرة الواحدة.
والمعنى : وأعط ـ أيها العاقل ـ ذوى قرباك حقوقهم الثابتة لهم من البر ، وصلة الرحم ، والمعاونة ، والزيارة ، وحسن المعاشرة ، والوقوف إلى جانبهم في السراء والضراء ، ونحو ذلك مما توجبه تعاليم دينك الحنيف.
وأعط ـ كذلك ـ المسكين وابن السبيل حقوقهما التي شرعها الله ـ تعالى ـ لهما ، من الإحسان إليهما ، ومعاونتهما على ما يسد حاجتهما.
وقدم ـ سبحانه ـ الأقارب على غيرهم ، لأنهم أولى بالمعروف ، ولأن إعطاءهم إحسان وصلة رحم.
روى الإمام أحمد والترمذي والنسائي وغيرهم ، عن سليمان بن عامر قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إن الصدقة على المسكين صدقة. وعلى ذي الرحم اثنتان : صدقة وصلة».
وقوله ـ سبحانه ـ : (وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً) نهى عن وضع المال في غير موضعه الذي شرعه الله ـ تعالى ـ مأخوذ من تفريق البذر وإلقائه في الأرض كيفما كان من غير تعهد لمواقعه ، ثم استعير لتضييع المال في غير وجوهه.
قال صاحب الكشاف : التبذير تفريق المال فيما لا ينبغي ، وإنفاقه على وجه الإسراف ، وكانت الجاهلية تنحر إبلها وتتياسر عليها ، وتبذر أموالها في الفخر والسمعة ، وتذكر ذلك في
__________________
(١) تفسير الآلوسى ج ٢ ص ٤٦.