ذلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً (٣٥) وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلاً (٣٦) وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبالَ طُولاً (٣٧) كُلُّ ذلِكَ كانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهاً (٣٨) ذلِكَ مِمَّا أَوْحى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ وَلا تَجْعَلْ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ فَتُلْقى فِي جَهَنَّمَ مَلُوماً مَدْحُوراً) (٣٩)
وقوله ـ سبحانه ـ : (وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ ...) نهى عن قتل الأولاد بعد بيان أن الأرزاق بيده ـ سبحانه ـ ، يبسطها لمن يشاء ، ويضيقها على من يشاء.
والإملاق : الفقر. يقال : أملق الرجل إذا افتقر قال الشاعر :.
وإنى على الإملاق يا قوم ماجد |
|
أعد لأضيافى الشواء المصهبا |
قال الآلوسى : وظاهر اللفظ النهى عن جميع أنواع قتل الأولاد ، ذكورا كانوا أو إناثا مخافة الفقر والفاقة.
لكن روى أن من أهل الجاهلية من كان يئد البنات مخافة العجز عن النفقة عليهن ، فنهى في الآية عن ذلك ، فيكون المراد بالأولاد البنات ، وبالقتل الوأد .. (١).
أى : ولا تقتلوا ـ أيها الآباء ـ أولادكم خشية فقر متوقع ، فنحن قد تكفلنا برزقهم ورزقكم ، وأرزاق غيركم من مخلوقاتنا التي لا تحصى.
قال ـ تعالى ـ : (وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللهِ رِزْقُها ..).
ولا شك أن الحياة حق لهؤلاء الصغار كما أنها حق لكم ، فمن الظلم البين الاعتداء على حقوقهم ، والتخلص منهم خوفا من الفقر المتوقع في المستقبل ، مع أن الله ـ تعالى ـ هو الرازق لهم ولكم في كل زمان ومكان.
__________________
(١) تفسير الآلوسى ج ١٥ ص ٦٦.