نصا في قوله ـ تعالى ـ : (وَإِذْ أَخَذْنا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ..).
ولا خلاف في أن محمدا صلىاللهعليهوسلم أفضلهم .. (١).
وإنما خص كتاب داود بالذكر ، لأن اليهود زعموا أنه لا نبي بعد موسى ، ولا كتاب بعد التوراة ، فكذبهم الله ـ تعالى ـ في ذلك ، ولأن في هذا الإيتاء إشارة إلى أن تفضيل داود لم يكن بسبب ما أعطاه الله من ملك ، بل بسبب ما أعطاه من كتاب فيه إشارة إلى تفضيل الرسول صلىاللهعليهوسلم وأمته ، قال ـ تعالى ـ : (وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ) (٢).
والمراد بالعباد الصالحين : محمد صلىاللهعليهوسلم وأمته.
قال صاحب الكشاف : فإن قلت : هلا عرف الزبور ، كما عرف في قوله : (وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ ...)؟.
قلت : يجوز أن يكون الزبور وزبور ، كالعباس وعباس ، والفضل وفضل. ويجوز أن يريد : وآتينا داود بعض الزبر ـ وهي الكتب ، وأن يريد ما ذكر فيه رسول الله صلىاللهعليهوسلم من الزبور ، فسمى ذلك زبورا ، لأنه بعضها كما سمى بعض القرآن قرآنا (٣).
ثم أمر الله ـ تعالى ـ نبيه صلىاللهعليهوسلم أن يتحدى المشركين ، بأن يبين لهم : أن آلهتهم المزعومة لا تملك دفع الضر عنهم ، أو جلب الخير لهم ، بل إن هذه الآلهة لتخاف عذاب الله ، وترجو رحمته ، فقال ـ سبحانه ـ :
(قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلا تَحْوِيلاً (٥٦) أُولئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخافُونَ عَذابَهُ إِنَّ عَذابَ رَبِّكَ كانَ مَحْذُوراً) (٥٧)
__________________
(١) تفسير ابن كثير ج ٣ ص ٤٦.
(٢) سورة الأنبياء الآية ١٠٥.
(٣) تفسير الكشاف ج ٢ ص ٦٧٣.