وقوله ـ سبحانه ـ : (وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ) معطوف على الرؤيا.
أى : وما جعلنا الرؤيا التي أريناك والشجرة الملعونة في القرآن إلا فتنة للناس.
والمراد بالشجرة الملعونة هنا : شجرة الزقوم ، المذكورة في قوله ـ تعالى ـ : (أَذلِكَ خَيْرٌ نُزُلاً أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ. إِنَّا جَعَلْناها فِتْنَةً لِلظَّالِمِينَ. إِنَّها شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ ، طَلْعُها كَأَنَّهُ رُؤُسُ الشَّياطِينِ) (١).
والمراد بلعنها : لعن الآكلين منها وهم المشركون ، أو هي ملعونة لأنها تخرج في أصل الجحيم. أو هي ملعونة لأن طعامها مؤذ وضار ، والعرب تقول لكل طعام ضار : إنه ملعون.
قال الآلوسى : وروى في جعلها فتنة لهم : أنه لما نزل في شأنها في سورة الصافات وغيرها ما نزل ، قال أبو جهل وغيره : هذا محمد يتوعدكم بنار تحرق الحجارة ، ثم يقول ينبت فيها الشجر. وما نعرف الزقوم إلا بالتمر والزبد ، ثم أمر جارية له فأحضرت تمرا وزبدا ، وقال لأصحابه : تزقموا.
وافتتن بهذه الآية أيضا بعض الضعفاء ، ولقد ضلوا في ذلك ضلالا بعيدا ... (٢).
وقوله ـ تعالى ـ : (وَنُخَوِّفُهُمْ فَما يَزِيدُهُمْ إِلَّا طُغْياناً كَبِيراً) تذييل قصد به بيان ما جبل عليه هؤلاء المشركون من جحود ، وقسوة قلب ...
أى : ونخوف هؤلاء المشركين بعذاب الدنيا ، وبعذاب الآخرة وبشجرة الزقوم التي طلعها كأنه رءوس الشياطين ... فما يزيدهم هذا التخويف والتهديد إلا طغيانا متجاوزا في ضخامته وكبره كل حد ، وكل عقل سليم.
وعبر ـ سبحانه ـ بصيغة المضارع الدالة على الاستقبال ، مع أن تخويفهم وازدياد طغيانهم قد وقعا ، للإشعار بالتجدد والاستمرار.
وبذلك نرى الآيات الكريمة قد ساقت من سنن الله ـ تعالى ـ في خلقه ، ومن فضله على هذه الأمة ، ومن تبشيره وإنذاره ، ووعده ووعيده ، ما يزيد المؤمنين إيمانا على إيمانهم ، وما يصرف الطاغين عن طغيانهم لو كانوا يعقلون.
__________________
(١) سورة الصافات الآيات ٦١ ـ ٦٥.
(٢) تفسير الآلوسى ج ١٥ ص ١٠٦.