ومن الوجوه ـ أيضا ـ النقل عن أهل اللغة ، فقد قالوا : إن الدلوك في كلام العرب : الزوال ، ولذا قيل للشمس إذا زالت. دالكة (١).
وقوله : (إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ) أى : إلى شدة ظلمته.
قال القرطبي : يقال : غسق الليل غسوقا. وأصل الكلمة من السيلان. يقال : غسقت العين إذ سالت تغسق. وغسق الجرح غسقانا ، أى : سال منه ماء أصفر ... وغسق الليل : اجتماع الليل وظلمته.
وقال : أبو عبيدة : الغسق : سواد الليل ...» (٢).
والمراد من الصلاة التي تقام من بعد دلوك الشمس إلى غسق الليل : صلاة الظهر والعصر والمغرب والعشاء.
وقوله ـ تعالى ـ : (وَقُرْآنَ الْفَجْرِ) معطوف على مفعول (أَقِمِ) وهو الصلاة.
والمراد بقرآن الفجر : صلاة الفجر. وسميت قرآنا ، لأن القراءة ركن من أركانها ، من تسمية الشيء باسم جزئه ، كتسمية الصلاة ركوعا وسجودا وقنوتا.
وقوله (إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً) تنويه بشأن صلاة الفجر ، وإعلاء من شأنها.
أى : داوم ـ أيها الرسول الكريم ـ على أداء صلاة الظهر والعصر والمغرب والعشاء ، وداوم على صلاة الفجر ـ أيضا ـ فإن صلاتها مشهودة من الملائكة ومن الصالحين من عباد الله ـ عزوجل ـ.
قال الإمام ابن كثير ما ملخصه : وقد ثبتت السنة عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم تواترا من أفعاله وأقواله بتفاصيل هذه الأوقات على ما عليه أهل الإسلام اليوم ، مما تلقوه خلفا عن سلف ، وقرنا بعد قرن.
روى البخاري عن أبى هريرة أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «فضل صلاة الجميع على صلاة الواحد ، خمس وعشرون درجة ، وتجتمع ملائكة الليل وملائكة النهار في صلاة الفجر».
يقول أبو هريرة : اقرءوا إن شئتم : (وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً ....) (٣).
__________________
(١) تفسير آيات الأحكام ج ٣ ص ٦٠ للمرحوم الشيخ محمد على السائس.
(٢) تفسير القرطبي ج ١٠ ص ٣٠٤.
(٣) تفسير ابن كثير ج ٣ ص ٥٤.