إلا وهو تحت لوائه صلىاللهعليهوسلم ، فقد أخرج البخاري وغيره عن ابن عمر قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : إن الشمس لتدنو حتى يبلع العرق نصف الأذن ، فبينما هم كذلك ، استغاثوا بآدم ، فيقول : لست بصاحب ذلك ، ثم موسى فيقول كذلك. ثم محمد فيشفع فيقضى الله ـ تعالى ـ بين الخلق ، فيمشى صلىاللهعليهوسلم حتى يأخذ بحلقة باب الجنة ، فيومئذ يبعثه الله ـ تعالى ـ مقاما محمودا ، يحمده أهل الجمع كلهم» (١).
ثم أمر الله ـ تعالى ـ رسوله صلىاللهعليهوسلم بأن يكثر من اللجوء إليه عن طريق الدعاء ، بعد أن أمره بذلك عن طريق المداومة على الصلاة ، فقال ـ تعالى ـ : (وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ ، وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ ، وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطاناً نَصِيراً).
والمدخل والمخرج ـ يضم الميم فيهما ـ مصدران بمعنى الإدخال والإخراج ، فهما كالمجرى والمرسى وإضافتهما إلى الصدق من إضافة الموصوف لصفته.
قال الآلوسى : واختلف في تعيين المراد من ذلك ، فأخرج الزبير بن بكار عن زيد بن أسلم ، أن المراد : بالإدخال : دخول المدينة ، وبالإخراج : الخروج من مكة ، ويدل عليه ما أخرجه أحمد ، والطبراني ، والترمذي وحسنه ، والحاكم وصححه ، وجماعة ، عن ابن عباس قال : كان النبي صلىاللهعليهوسلم بمكة ، ثم أمر بالهجرة ، فأنزل الله ـ تعالى ـ عليه هذه الآية. وبدأ بالإدخال لأنه الأهم ...
ثم قال : والأظهر أن المراد إدخاله ـ عليه الصلاة والسلام ـ إدخالا مرضيا في كل ما يدخل فيه ويلابسه من مكان أو أمر ، وإخراجه ـ من كل ما يخرج منه خروجا مرضيا ـ كذلك ـ ، فتكون الآية عامة في جميع الموارد والمصادر ...» (٢).
ويبدو لنا أن المعنى الذي أشار إليه الآلوسى ـ رحمهالله ـ بأنه الأظهر ، هو الذي تسكن إليه النفس ، ويدخل فيه غيره دخولا أوليا ، ويكون المعنى :
وقل ـ أيها الرسول الكريم ـ متضرعا إلى ربك : يا رب أدخلنى إدخالا مرضيا صادقا في كل ما أدخل فيه من أمر أو مكان ، وأخرجنى كذلك إخراجا طيبا صادقا من كل أمر أو مكان.
والمراد بالسلطان في قوله ـ تعالى ـ : (وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطاناً نَصِيراً) الحجة البينة الواضحة التي تقنع العقول ، والقوة الغالبة التي ترهب المبطلين.
__________________
(١) راجع تفسير الآلوسى ج ١٥ ص ١٤٠.
(٢) تفسير الآلوسى ج ١٥ ص ١٤٣.