أخرج البيهقي في سننه عن عائشة أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «ثلاث هن على فرائض ، وهن لكم سنة : الوتر ، والسواك ، وقيام الليل».
ومن العلماء من يرى أن قيام الليل كان مندوبا في حقه صلىاللهعليهوسلم كما هو الشأن في أمته ، ومعنى (نافِلَةً لَكَ) أى : زيادة في رفع درجاتك ، فإن الله قد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ، أما غيرك فقد شرعنا له النافلة تكفيرا لخطاياه.
وقوله ـ عزوجل ـ : (عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً) بيان لما يترتب على أدائه للصلوات بخشوع وخضوع ، من سمو في المكانة ، ورفعة في الدرجة.
وكلمة عسى في كلام العرب تفيد التوقع ، أما في كلام الله ـ تعالى ـ فتفيد الوجوب والقطع.
قال الجمل : اتفق المفسرون على أن كلمة (عَسى) من الله ـ تعالى ـ تدخل فيما هو قطعى الوقوع ، لأن لفظ عسى يفيد الإطماع ، ومن أطمع إنسانا في شيء ، ثم حرمه ، كان عارا عليه والله ـ تعالى ـ أكرم من أن يطمع أحدا ثم لا يعطيه ما أطمعه فيه».
أى : داوم أيها الرسول الكريم على عبادة الله وطاعته لنبعثك يوم القيامة ونقيمك مقاما محمودا ، ومكانا عاليا ، يحمدك فيه الخلائق كلهم.
والمراد بالمقام المحمود هنا ، هو مقام الشفاعة العظمى يوم القيامة. ليريح الناس من الكرب الشديد ، في موقف الحساب.
وقد ساق الإمام ابن كثير عند تفسيره لهذه الآية جملة من الأحاديث في هذا منها : ما أخرجه البخاري عن ابن عمر قال : إن الناس يصيرون يوم القيامة جثا ـ جمع جثوة كخطوة وخطا ـ أى جماعات ـ كل أمة تتبع نبيها ، يقولون : يا فلان اشفع ، يا فلان اشفع ، حتى تنتهي الشفاعة إلى محمد صلىاللهعليهوسلم ، فذلك يوم يبعثه الله مقاما محمودا».
وروى الإمام أحمد والترمذي عن أبى بن كعب عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «إذا كان يوم القيامة ، كنت إمام الأنبياء وخطيبهم. وصاحب شفاعتهم غير فخر».
وروى ابن جرير عن أبى هريرة أن الرسول صلىاللهعليهوسلم سئل عن قوله ـ تعالى ـ : (عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً) فقال : «هو المقام الذي أشفع لأمتى فيه» (١).
وقال الآلوسى : والمراد بذلك المقام ، مقام الشفاعة العظمى في فصل القضاء حيث لا أحد
__________________
(١) راجع تفسير ابن كثير ج ٣ ص ٥٥.