أن يأكلوا من الغنم ، حتى أتينا رسول الله صلىاللهعليهوسلم فأخبرته الخبر ، فقال «ما يدريك أنها رقية»؟ قلت : يا رسول الله ، شيء ألقى في روعي. قال : «كلوا وأطعمونا من الغنم» (١).
والذي تطمئن إليه النفس أن قراءة القرآن الكريم ، والعمل بما فيه من هدايات وإرشادات وتشريعات .. كل ذلك يؤدى ـ بإذن الله تعالى ـ إلى الشفاء من أمراض القلوب ومن أمراض الأجسام.
قال بعض العلماء : وقوله ـ تعالى ـ في هذه الآية (ما هُوَ شِفاءٌ) يشمل كونه شفاء للقلب من أمراضه ، كالشك والنفاق وغير ذلك. وكونه شفاء للأجسام إذا رقى عليه به ، كما تدل له قصة الذي رقى الرجل اللديغ بالفاتحة ، وهي صحيحة مشهورة» (٢).
وبعد أن بين ـ سبحانه ـ أثر القرآن بالنسبة للمؤمنين ، أتبع ذلك ببيان أثره بالنسبة للظالمين ، فقال : (وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَساراً).
أى : ولا يزيد ما ننزله من قرآن الظالمين إلا خسارا وهلاكا ، بسبب عنادهم وجحودهم للحق بعد إذ تبين.
قال الآلوسى : وإسناد الزيادة المذكورة إلى القرآن. مع أنهم المزدادون في ذلك لسوء صنيعهم ، باعتباره سببا لذلك ، وفيه تعجيب من أمره من حيث كونه مدارا للشفاء والشقاء.
كماء صار في الأصداف درا |
|
وفي ثغر الأفاعى صار سما (٣) |
وشبيه بهذه الآية قوله ـ تعالى ـ : (وَإِذا ما أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زادَتْهُ هذِهِ إِيماناً ، فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزادَتْهُمْ إِيماناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ. وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ وَماتُوا وَهُمْ كافِرُونَ) (٤).
وقوله ـ تعالى ـ (قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدىً وَشِفاءٌ ، وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ فِي آذانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولئِكَ يُنادَوْنَ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ) (٥).
ثم صور ـ سبحانه ـ حال الإنسان عند اليسر والعسر ، وعند الرخاء والشدة فقال
__________________
(١) تفسير القرطبي ج ١٠ ص ٣١٦.
(٢) أضواء البيان ج ٣ ص ٦٢٤ للمرحوم الشيخ محمد الأمين الشنقيطى.
(٣) تفسير الآلوسى ج ١٥ ص ١٤٦.
(٤) سورة التوبة ١٢٤ ، ١٢٥.
(٥) سورة فصلت الآية ٤٤.