أى : فعلنا ذلك لنختبر الناس على ألسنة رسلنا ، أيهم أحسن عملا ، بحيث يكون عمله مطابقا لما جئت به ـ أيها الرسول الكريم ـ ، وخالصا لوجهنا ، ومبنيا على أساس الإيمان والعقيدة الصحيحة.
قال تعالى : (تَبارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَياةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً).
وفي الحديث الشريف : «إن الدنيا حلوة خضرة ، وإن الله مستخلفكم فيها فناظر كيف تعملون ، واتقوا الدنيا ، واتقوا النساء ، فإن أول فتنة بنى إسرائيل كانت في النساء».
وقوله ـ سبحانه ـ : (وَإِنَّا لَجاعِلُونَ ما عَلَيْها صَعِيداً جُرُزاً) زيادة في التزهيد في زينتها ، حيث إن مصيرها إلى الزوال ، وحض على التزود من العمل الصالح الذي يؤدى بالإنسان إلى السعادة الباقية الدائمة.
وبذلك نرى الآيات الكريمة ، قد قررت أن الثناء الكامل إنما هو لله ـ عزوجل ـ ، وأن الكتاب الذي أنزله على عبده ونبيه صلىاللهعليهوسلم لا عوج فيه ولا ميل ، وأن وظيفة هذا الكتاب إنذار الكافرين بالعقاب ، وتبشير المؤمنين بالثواب ، كما أن من وظيفته تثبيت قلبه صلىاللهعليهوسلم وتسليته عما أصابه من أعدائه ، ببيان أن الله ـ تعالى ـ قد جعل هذه الدنيا بما فيها من زينة ، دار اختبار وامتحان ليتبين المحسن من المسيء ، وليجازى ـ سبحانه ـ الذين أساءوا بما عملوا ، ويجازى الذين أحسنوا بالحسنى.
ثم ساق ـ سبحانه ـ بعد ذلك قصة أصحاب الكهف ، وبين أن قصتهم ليست عجيبة بالنسبة لقدرته ـ عزوجل ـ فقد أوجد ـ سبحانه ـ ما هو أعجب وأعظم من ذلك ، فقال ـ تعالى ـ :
(أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كانُوا مِنْ آياتِنا عَجَباً (٩) إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقالُوا رَبَّنا آتِنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنا مِنْ أَمْرِنا رَشَداً (١٠) فَضَرَبْنا عَلَى آذانِهِمْ فِي