الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَداً (١١) ثُمَّ بَعَثْناهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصى لِما لَبِثُوا أَمَداً) (١٢)
قال الإمام الرازي : اعلم أن القوم تعجبوا من قصة أصحاب الكهف ، وسألوا عنها الرسول صلىاللهعليهوسلم على سبيل الامتحان ، فقال ـ تعالى ـ : (أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كانُوا مِنْ آياتِنا عَجَباً)؟ لا تحسبن ذلك فإن آياتنا كلها عجب فإن من كان قادرا على خلق السموات والأرض ، وعلى تزيين الأرض بما عليها من نبات وحيوان ومعادن ، ثم يجعلها بعد ذلك صعيدا جرزا خالية من الكل ، كيف يستبعد من قدرته وحفظه ورحمته حفظ طائفة من الناس مدة ثلاثمائة سنة وأكثر في النوم ..» (١).
وعلى ذلك يكون المقصود بهذه الآيات الكريمة ، بيان أن قصة أصحاب الكهف ليست شيئا عجبا بالنسبة لقدرة الله ـ تعالى ـ.
وقد ذكر المفسرون في سبب نزول قصة أصحاب الكهف روايات ملخصها : أن قريشا بعثت النضر بن الحارث ، وعقبة بن أبى معيط ، إلى أحبار اليهود بالمدينة ، فقالوا لهم : سلوهم عن محمد صلىاللهعليهوسلم ، وصفوا لهم صفته ، وأخبروهم بقوله ، فإنهم أهل الكتاب الأول. وعندهم من العلم ما ليس عندنا من علم الأنبياء.
فخرجا حتى قدما المدينة ، فسألا أحبار اليهود عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ووصفوا لهم أمره صلىاللهعليهوسلم فقالوا لهما سلوه عن ثلاث نأمركم بهن. فإن أخبركم بهن ، فهو نبي مرسل وإن لم يفعل فالرجل متقول.
سلوه عن فتية ذهبوا في الدهر الأول ماذا كان من خبرهم. فإنهم قد كان لهم حديث عجيب.
وسلوه عن رجل طواف طاف المشارق والمغارب ماذا كان من خبره؟ وسلوه عن الروح ، ما هو؟ فإن أخبركم بذلك فهو نبي فاتبعوه.
فأقبل النضر وعقبة حتى قدما على قريش. فقالا : يا معشر قريش ، قد جئناكم بفصل
__________________
(١) تفسير الفخر الرازي ج ٢١ ص ٨٢.