ومنه قوله ـ تعالى ـ (كَلَّا إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ لَفِي عِلِّيِّينَ. وَما أَدْراكَ ما عِلِّيُّونَ. كِتابٌ مَرْقُومٌ) (١). أى مكتوب.
قال بعض العلماء : والظاهر أن أصحاب الكهف والرقيم : طائفة واحدة أضيفت إلى شيئين : أحدهما : معطوف على الآخر ، خلافا لمن قال أن أصحاب الكهف طائفة ، وأصحاب الرقيم طائفة أخرى ، وأن الله قص على نبيه في هذه السورة الكريمة قصة أصحاب الكهف ، ولم يذكر له شيئا عن أصحاب الرقيم. وخلافا لمن زعم أن أصحاب الكهف هم الثلاثة الذين سقطت عليهم صخرة فسدّت عليهم باب الكهف فدعوا الله بصالح أعمالهم فانفرجت ، وهم البار بوالديه ، والعفيف ، والمستأجر ، وقصتهم مشهورة ثابتة في الصحيح ، إلا أن تفسير الآية بأنهم هم المراد بعيد كما ترى» (٢).
والمعنى : أظننت ـ أيها الرسول الكريم ـ أن ما قصصناه عليك من شأن هؤلاء الفتية ، كان من بين آياتنا الدالة على قدرتنا شيئا عجبا؟ لا ، لا تظن ذلك فإن قدرتنا لا يعجزها شيء.
ثم حكى ـ سبحانه ـ ما قالوه عند ما حطوا رحالهم في الكهف فقال : إذ أوى الفتية إلى الكهف فقالوا : (رَبَّنا آتِنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً. وَهَيِّئْ لَنا مِنْ أَمْرِنا رَشَداً).
و «إذ» هنا ظرف منصوب بفعل تقديره : اذكر.
و «أوى» فعل ماض ـ من باب ضرب ـ تقول : أوى فلان إلى مسكنه يأوى ، إذا نزله بنفسه. واستقر فيه.
و «الفتية» : جمع قلة لفتى. وهو وصف للإنسان عند ما يكون في مطلع شبابه.
وقوله : (وَهَيِّئْ لَنا مِنْ أَمْرِنا) : من التهيئة بمعنى : تيسير الأمر وتقريبه وتسهيله حتى لا يخالطه عسر أو مشقة.
والمراد بالأمر هنا : ما كانوا عليه من تركهم لأهليهم ومساكنهم ، ومن مفارقتهم لما كان عليه أعداؤهم من عقائد فاسدة.
__________________
(١) سورة المطففين الآيات ١٨ ـ ٢٠.
(٢) تفسير أضواء البيان ج ٤ ص ٢٠.