عن طريق النقل الصحيح ، لذا ضربنا صفحا عنه.
ثم بين ـ سبحانه ـ حالة ـ كلبهم فقال : (وَكَلْبُهُمْ باسِطٌ ذِراعَيْهِ بِالْوَصِيدِ).
والمراد بالوصيد ـ على الصحيح ـ فناء الكهف قريبا من الباب ، أو هو الباب نفسه ، ومنه قول الشاعر : بأرض فضاء لا يسد وصيدها. أى : لا يسد بابها.
أى : وكلبهم الذي كان معهم في رحلتهم ماد ذراعيه بباب الكهف حتى لكأنه يحرسهم ويمنع من الوصول إليهم.
وما ذكره بعض المفسرين هنا عن اسم الكلب وصفاته ، لم نهتم بذكره لعدم فائدته.
ثم ختم ـ سبحانه ـ الآية بقوله : (لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِراراً وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْباً).
أى. لو عاينتهم وشاهدتهم ـ أيها المخاطب ـ لأعرضت بوجهك عنهم من هول ما رأيت. ولملئ قلبك خوفا ورعبا من منظرهم.
وقد أخذ العلماء من هذه الآية أحكاما منها : أن صحبة الأخيار لها من الفوائد ما لها.
قال ابن كثير ـ رحمهالله ـ ربض كلبهم على الباب كما جرت به عادة الكلاب وهذا من سجيته وطبيعته حيث يربض ببابهم كأنه يحرسهم ، وكان جلوسه خارج الباب. لأن الملائكة لا تدخل بيتا فيه كلب ـ كما ورد في الصحيح .. وشملت كلبهم بركتهم ، فأصابه ما أصابهم من النوم على تلك الحال ، وهذا فائدة صحبة الأخيار ، فإنه صار لهذا الكلب ذكر وخبر وشأن (١).
وقال القرطبي ـ رحمهالله ـ ما ملخصه : قال ابن عطية : وحدثني أبى قال : سمعت أبا الفضل الجوهري في جامع مصر يقول على منبر وعظه سنة تسع وستين وأربعمائة : إن من أحب أهل الخير نال من بركتهم ، كلب أحب أهل فضل وصحبهم فذكره الله في محكم تنزيله.
قلت ـ أى القرطبي ـ : إذا كان بعض الكلاب نال هذه الدرجة العليا بصحبة ومخالطة الصلحاء والأولياء حتى أخبر الله بذلك في كتابه ، فما ظنك بالمؤمنين المخالطين المحبين للأولياء. والصالحين!! بل في هذا تسلية وأنس للمؤمنين المقصرين عن درجات الكلمات : المحبين للنبي صلىاللهعليهوسلم وآله خير آل.
روى في الصحيح عن أنس قال : بينا أنا ورسول الله صلىاللهعليهوسلم خارجان من المسجد ،
__________________
(١) تفسير ابن كثير ج ٥ ص ١٤١.