مِنْ ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِياباً خُضْراً مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَّكِئِينَ فِيها عَلَى الْأَرائِكِ نِعْمَ الثَّوابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقاً) (٣١)
قال الإمام الرازي ما ملخصه : قوله ـ تعالى ـ : (وَاتْلُ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ ..) اعلم أن من هذه الآية إلى قصة موسى ـ عليهالسلام ـ والخضر ، كلام واحد في قصة واحدة وذلك أن أكابر كفار قريش احتجوا وقالوا لرسول الله صلىاللهعليهوسلم : إن أردت أن نؤمن بك فاطرد هؤلاء الفقراء .. فنهاه الله عن طردهم لأنه مطلوب فاسد .. ثم إنه ـ سبحانه ـ أمره بالمواظبة على تلاوة كتابه ، وأن لا يلتفت إلى اقتراح المقترحين ، وتعنت المتعنتين (١).
قوله ـ سبحانه ـ : (وَاتْلُ) ... فعل أمر من التلاوة بمعنى القراءة.
أى : وعليك أيها الرسول الكريم ـ أن تواظب وتداوم على قراءة ما أوحيناه إليك من هذا القرآن الكريم ، وأن تتبع إرشاداته وتوجيهاته ، فإن في ذلك ما يهديك إلى الطريق الحق ، وما يغنيك عن السؤال والاستفتاء ، قال ـ تعالى ـ : (إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتابَ اللهِ ، وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً ، يَرْجُونَ تِجارَةً لَنْ تَبُورَ) (٢).
وصيغة الأمر في قوله ـ سبحانه ـ : (وَاتْلُ ..) لإبقاء الفعل لا لإيجاده ، كما في قوله ـ تعالى ـ : (اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ).
و «من» في قوله (مِنْ كِتابِ رَبِّكَ) بيانية.
وقوله : (لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ) أى : ليس في هذا الكون أحد في إمكانه أن يغير أو يبدل شيئا من الكلمات التي أوحاها الله ـ تعالى ـ إليك ـ أيها الرسول الكريم ـ ، لأننا قد تكفلنا بحفظ هذا الكتاب الذي أوحيناه إليك.
قال ـ تعالى ـ : (وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) (٣).
__________________
(١) تفسير الفخر الرازي ج ٢١ ص ١١٤.
(٢) سورة فاطر الآية ٢٩.
(٣) سورة الأنعام الآية ١١٥.