وقوله (وَامْضُوا حَيْثُ تُؤْمَرُونَ) إرشاد من الملائكة للوط ـ عليهالسلام ـ إلى الجهة التي أمره الله ـ تعالى ـ بالتوجه إليها.
أى : وامضوا في سيركم إلى الجهة التي أمركم الله ـ تعالى ـ بالسير إليها ، مبتعدين عن ديار القوم المجرمين ، تصحبكم رعاية الله وحمايته.
قيل : أمروا بالتوجه إلى بلاد الشام ، وقيل إلى الأردن ، وقيل إلى مصر.
ولم يرد حديث صحيح يحدد الجهة التي أمروا بالتوجه إليها ، ولكن الذي نعتقده أنهم ذهبوا بأمر الله ـ تعالى ـ إلى مكان آخر ، أهله لم يعملوا ما كان يعمله العادون من قوم لوط ـ عليهالسلام ـ.
وقوله ـ سبحانه ـ (وَقَضَيْنا إِلَيْهِ ذلِكَ الْأَمْرَ أَنَّ دابِرَ هؤُلاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ) بيان لجانب آخر من جوانب الرعاية والتكريم للوط ـ عليهالسلام ـ.
وعدى «قضينا» بإلى ، لتضمنه معنى أوحينا.
والمراد بذلك الأمر : إهلاك الكافرين من قوم لوط ـ عليهالسلام ـ.
وجملة (أَنَّ دابِرَ هؤُلاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ) مفسرة ومبينة لذلك الأمر.
وعبر عن عذابهم وإهلاكهم بالإبهام أولا. ثم بالتفسير والتوضيح ثانيا ، للإشعار بأنه عذاب هائل شديد.
ودابرهم : أى آخرهم الذي يدبرهم. يقال : فلان دبر القوم يدبرهم دبورا إذا كان آخرهم في المجيء. والمراد أنهم استؤصلوا بالعذاب استئصالا.
وقوله (مُصْبِحِينَ) أى : داخلين في الصباح ، مأخوذ من أصبح التامة ، وصيغة أفعل تأتى للدخول في الشيء ، نحو أنجد وأتهم ، أى دخل في بلاد نجد وفي بلاد تهامة ، وهو حال من اسم الإشارة هؤلاء ، والعامل فيه معنى الإضافة.
والمعنى : وقضينا الأمر بإبادتهم ، وأوحينا إلى نبينا لوط ـ عليهالسلام ـ أن آخر هؤلاء المجرمين مقطوع ومستأصل ومهلك مع دخول وقت الصباح.
وفي هذا التعبير ما فيه من الدلالة على أن العذاب سيمحقهم جميعا ، بحيث لا يبقى منهم أحدا ، لا من كبيرهم ولا من صغيرهم ، ولا من أولهم ولا من آخرهم.
ثم حكى ـ سبحانه ـ ما حدث من القوم المجرمين ، بعد أن تسامعوا بأن في بيت لوط