ثمّ تشير السورة إلى الأشرار الّذين ينفخون في العقد ، وهو تعبير يشير إلى النساء اللواتي يسلكن طريق الإنحراف كما هو حال الساحرات الّذين يقرأن بعض الأوراد والتماتم في حال عملية السحر ثمّ ينفخن في العُقد ويقرأن على البسطاء والسذّج من الناس مطالب وكلمات غير مفهومة ، وبهذه الوساوس يسعين إلى ايجاد عنصر الخذلان في إرادتهم ويجرّونهم إلى حال الترديد والتشكيك ، فعند ما تضعف الإرادة في الإنسان يتسنّى حينئذٍ لجيش الشيطان أن يهجم ويتسلط عليه.
ثمّ تشير الآيات إلى الطائفة الثالثة والأخيرة من طوائف الشرّ وتقول (وَمِنْ شَرِّ حاسِدٍ إِذا حَسَدَ).
وهنا يتضح أنّ أحد عوامل التخريب والفساد في العالم هو عامل الحسد والتخريب الّذي ينشأ من فعل الحسّاد ، وعليه فالآية في حديثها عن المنابع الثلاثة للشرّ والفساد (وهي : المهاجمون في ظلمة الليل ، والموسوسون الّذين يتحركون من خلال الإعلام لهدف تضعيف عقائد الناس وايمانهم وايجاد الخلل في العلاقات الاجتماعية ، والحاسدون الّذين يتحركون بين الناس من موقع التخريب) فهذه الآيات شاهد ناطق على المراد أي الأضرار الوخيمة للحسد.
أمّا ما ورد في الآية من هذه السورة من الصفة الإلهية (بِرَبِّ الْفَلَقِ) يمكن أن يكون إشارة إلى هذه الحقيقة ، وهي أنّ هذه الطوائف الشريرة الثلاثة تستغل دائماً الظلمة والجهل والاختلاف والكفر ، فلو أنّ هذه الظلمات تبدّلت إلى نور العلم والاتحاد والايمان فإنّ قوى الانحراف هذه سوف لا تستطيع أن تعمل شيئاً.
«الآية السادسة» من الآيات مورد البحث بعد أن مدحت الأنصار مدحاً بليغاً (وهم الّذين دعوا نبي الإسلام إلى يثرب ونصروه واستقبلوه أحسن استقبال وجعلوا جميع ما لديهم من امكانات تحت اختياره) تحدّثت عن (التابعين) وهم الّذين جاءوا بعد المهاجرين والأنصار والتزموا خطّ الايمان واعتنقوا الإسلام واستمروا في خط الايمان ، تقول الآية («وَالَّذِينَ