جاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا وَلِإِخْوانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونا بِالْإِيمانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنا إِنَّكَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ)(١).
وعلى هذا الأساس يقول هؤلاء بعد طلبهم المغفرة لهم ولمن تقدّمهم في الإيمان (المهاجرين والأنصار) حيث يطلبون من الله تعالى أن يُزيل أي شكل من أشكال (الغِل والحقد والحسد) في قلوبهم بالنسبة إلى المؤمنين ، لأنهم يعلمون انّه ما دامت هذه الامور تعيش في قلب الإنسان فإنّ روابط المحبّة والاخوّة والاتحاد لا يمكن أن تؤثر أثراً وبالتالي لا ينال الفرد التوفيق في حركته الدينية والاجتماعية.
كلمة (غِل) المأخوذة من مادّة (غلل) وكما يقول الراغب في كتابه (المفردات) هي في الأصل بمعنى الشيء الخفي الّذي ينفذ تدريجياً وبخفاء ، ولهذا يُقال للماء الجاري (غلل) لأنّه ينفذ إلى الأشجار تدريجياً.
ثمّ استُعمل الغلول في (الخيانة) لأنها تنفذ بخفاء وتدرّج ، وكذلك استُعملت في (الحقد والحسد) حيث ينفذان إلى القلب بشكل خفي وتدريجي.
وجاء في (لسان العرب) أنّ الحسد نوع من (الغلّ) كما أنّ من مصاديقه هو الحقد والعداوة أيضاً.
والكثير من المفسّرين يرون في تفسير الغِل بمعنى الحسد كالفخر الرازي في (التفسير الكبير) والمراغي في تفسيره والقرطبي في (الجامع لأحكام القرآن) في ذيل هذه الآية محل البحث.
«الآية السابعة» والأخيرة من الآيات مورد البحث تتحدّث عن صفات أهل الجنّة وتقول بعد تصريحها باستقبال الملائكة لهم في القيامة ودعائهم لهم بالسلامة والأمن (وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ)(٢).
__________________
١ ـ سورة الحشر ، الآية ١٠.
٢ ـ سورة الحجر ، الآية ٤٧.