يستغرق أحياناً عشرات أو مئات الأضعاف من عمر الإنسان الطبيعي ، وأحياناً تقع هذه التمنيات في خطّ اللانهاية بحيث كلّما وصل الإنسان في حركة الحياة إلى مقدار معيّن منها تجلّت له آمال اخرَى تدعوه إلى مواصلة الحركة.
ويجب الانتباه إلى أنّ هذه الآية وردت بعد آيات تشير إلى اصنام المشركين الّذين كانوا يعيشون الأمل بشفاعتها والقرب من الله تعالى بواسطتها ، فالقرآن يقول : إنّ هذا الأمل لا يتحقّق إطلاقاً ، ولكن مع ذلك فإنّ مفهوم الآية عام ، وكما في الإصطلاح أنّ المورد لا يخصّص الوارد.
«الآية السابعة» تتحدّث عن أهل الدنيا الّذين يعيشون الآمال الطويلة والتمنيات العريضة وتقول : (وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ* الَّذِي جَمَعَ مالاً وَعَدَّدَهُ (١)* يَحْسَبُ أَنَّ مالَهُ أَخْلَدَهُ)(٢).
وفي الواقع أنّ هذه الآيات الثلاثة بمثابة العلّة والمعلول ، لأن الإنسان الأناني والانتهازي سوف يتحرّك في تعامله مع الآخرين من موقع الإستهزاء بسبب الثروة الكبيرة والمال الكثير عنده والّذي جَمَعه بطرق غير مشروعة ، لأنه جَمَع مثل هذه الثروة بدافع من تصوّره أنّ هذه الثروة من شأنها أن تكتب له الخلود في هذه الحياة ، فهذا التصوّر المصحوب ب (طول الأمل) وكثرة التمنيات الدنيوية تسبب لهذا الشخص الغرور والاستعلاء والعجب ، وهذا بدوره يتسبب في أن يتحرّك مع الآخرين من موقع الإستهزاء والسخرية (٣).
ويُستفاد جيداً من هذه الآية أنّ الآمال والتمنيات الطويلة والعريضة تارةً تصل إلى حدّ ينسى الإنسان معها الموت تماماً ويتصوّر انه مخلّد أبد الدهر ، وهذا الأمر يؤدي به إلى
__________________
١ ـ ورد هذا الاحتمال في تفسير «عدَّده» ولا يراد منه العدّ ، بل جعل المال عدُّة له بأن يعتمد عليه في كل الأحوال.
٢ ـ سورة الهمزة ، الآية ، ١ ـ ٣.
٣ ـ «همزة» و«لمزة» صيغتان للمبالغة ، والاولى من مادة «هَمْز» بمعنى الكسر ، والثانية من مادة «لمز» بمعنى الغيبة والتنابز بالألقاب ، ويرى البعض أنّ «الهُمَزَة» يقال للشخص الّذي يعيب على غيره بالاشارة ، بينما تطلق «اللمزة» على الشخص الّذي يرتكب هذا العمل بلسانه.