٨ ـ ونقرأ في حديث آخر عن هذا الإمام قوله : «كَذَّبَ مَنِ ادَّعَى الْايمَانَ وَهُوَ مَشْغُوفٌ مِنَ الدُّنْيَا بِخِدَعِ الْامَانِيِّ وَزُورِ الْمَلَاهِيِّ» (١).
ومن الواضح أنّ المتعلق بالدنيا والمشغوف بزخارفها وملذاتها فإنه ومن أجل الوصول إلى كلّ شيء منها لا بدّ له أن ينسى كلّ شيء يشدّه إلى الحقيقة والواقع ومن ذلك سوف يُصاب الإيمان بالإهتزاز والضعف.
٩ ـ وكذلك ورد عن هذا الإمام في حديث قصير ومليء بالمعنى أنّه قال : «الْامَانِيُّ تُعْمَى عُيُونَ الْبَصَائِرِ» (٢).
١٠ ـ وورد في حديث عن النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله أنّه قال يوماً لأصحابه «أَكُلُّكُمْ يُحِبُّ انْ يَدْخُلَ الجَنّةَ؟».
«قَالُوا نَعَمْ يَا رَسُولَ اللهِ»
قال : «قَصِّرُوا مِنَ الْامَلِ وَاجْعَلُوا آجَالَكُمْ بَيْنَ ابْصَارِكُمْ وَاسْتَحْيُوا مِنَ اللهِ حَقَّ الْحَيَاءِ» (٣).
١١ ـ وأيضاً نقرأ في حديث آخر عن الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام أنّه قال : «انَّ الْامَلَ يُذْهِبُ الْعَقْلَ ، وَيُكَذِّبُ الْوَعْدَ ، وَيَحِثُّ عَلَى الْغَفْلَةِ وَيُورِثُ الْحَسْرَةَ» (٤).
١٢ ـ ونختم هذا البحث برواية اخرى عن رسول الله بعنوان (مسك الختام) ، فقد ورد في هذا الحديث أنّ النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله أخذ ثلاثة أعواد فغرس عوداً بين يديه والآخر إلى جانبه وأما الثالث فأبعده وقال : هلا تدرون ما هذا؟ قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال : «هَذَا الْانْسَانُ! وَهَذَا الْاجَلُ! وَهَذَا الْامَلُ يَتَعَاطَاهُ ابْنُ آدَمَ وَيَخْتَلِجَهُ الْاجَلُ دُونَ الْامَلُ!» (٥).
الأحاديث الشريفة أعلاه والّتي هي غيض من فيض الروايات المذكورة في المصادر الإسلامية في باب طول الأمل تبين بوضوح سعة دائرة الخطر وعمق الفاجعة المترتبة على
__________________
١ ـ تصنيف غرر الحكم ، ص ٣١٢ ، ح ٧٢٢٣.
٢ ـ غرر الحكم ، ح ١٣٧٥.
٣ ـ المحجّة البيضاء ، ج ٨ ، ص ٢٤٦.
٤ ـ ميزان الحكمة ، ج ١ ، ص ٣ ، مادّة أمل.
٥ ـ ميزان الحكمة ، ج ١ ، ص ١٠٤ ؛ المحجّة البيضاء ، ج ٨ ، ص ٢٤٥.