موسى الّتي ألقاها أمام الفراعنة بكلمة (ثعبان) بمعنى الحيّة العظيمة ، ولهذا السبب فقد احتمل البعض أنّ العصى في بداية أمرها تبدّلت إلى حيّة صغيرة وتدريجياً تحوّلت إلى ثعبان عظيم.
وذهب آخرون إلى أنّ (العصا) تبدلت إلى حيّة عظيمة ، ولكنها من جهة سرعة الحركة فهي كالحية الصغيرة السريعة.
والملفت للنظر أنّ جملة (لا تخف) وردت في القرآن الكريم تسع مرّات ، وفي خمسة موارد كان المخاطب فيها موسى بن عمران ، ولعلّ ذلك بسبب أنّ موسى كان يعيش بين أعداء كثرة وشديدى الخطورة كفرعون وهامان والملأ ، ويجب أن يعد العدّة بمثل هذا الخطاب الإلهي لمواجهة هؤلاء الأعداء.
وتستعرض «الطائفة الثالثة» من الآيات الكريمة قصة (طالوت) وقومه من بني إسرائيل والّذي انتخبه نبيّهم في ذلك الوقت (إشموئيل) بعنوان قائد جيش بني إسرائيل لمواجهة (جالوت) وجيشه الظالم.
وعند ما أراد طالوت مواجهة جالوت وقتاله قام بعملية اختبارية لجيشه ليطهره من الشوائب وضعفاء النفوس والجبناء ، الّذين قد يُفضي وجودهم في جيشه إلى سريان الجبن والضعف في سائر مفاصل جيش بني إسرائيل.
أجل فعند ما كان جيش طالوت يشعر بالعطش الشديد وصلوا إلى نهر ، فأراد طالوت أن يختبر جنوده العطاشى هناك وقال : كلّ من يشرب من هذا الماء فليس منّا ، وامّا من قاوم العطش ولم يشرب إلّا رشفات فهو منّا ، ولكن أغلب أفراد الجيش الّذين كانوا من الجبناء وضعفاء النفوس لم ينجحوا في هذا الامتحان والاختبار وشربوا من الماء إلّا عدة قليلة بقوا أوفياء لطالوت ، فهؤلاء كانوا يعيشون روح الشجاعة والقوّة والبسالة حيث قالوا في دعائهم : (... رَبَّنا أَفْرِغْ عَلَيْنا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدامَنا وَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ)(١).
__________________
١ ـ سورة البقرة ، الآية ٢٥٠.