وعدم القدرة على اتخاذ الموقف والعزم على شيء ، وكلّ ذلك ناشيء من الخوف والجُبن الّذي يقود الإنسان إلى ارتباك الفكر وعدم التوازن في اتخاذ الموقف.
وفي «الآية الخامسة» نواجه منظراً جديداً من شجاعة أصحاب النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله ، الشجاعة الّتي تنطلق من موقع الإيمان بالله تعالى ، حيث أنّ هؤلاء المؤمنين يرون أنفسهم في ميدان الحرب على مفترق طريقين وكليهما يؤدّيان بهما إلى الجنّة ورضا الله تعالى : طريق يؤدي إلى الشهادة وبالتالي السعادة العظمى في الحياة الآخرة ، والآخر يقودهم إلى النصر على العدو ، وهو أيضاً مبعث الفخر والاعتزاز لهم في الدنيا والآخرة ، في حين أنّ العدو محكوم بالهزيمة والخسران بأيّة حال ، فإما الموت الذليل والمهين في هذه الدنيا ، أو عذاب الله في الآخرة.
وبديهي أنّ الشخص الّذي يعيش هذه الرؤية فإنه سوف لا يدع أيّ خوف وضعف يتسرّب إلى قلبه ، وبذلك يتخلّص الإنسان من هذه الرذيلة الأخلاقية الكبيرة ، وفي ذلك تقول الآية : (قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمُ اللهُ بِعَذابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَيْدِينا فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ)(١).
وقد ذهب بعض العلماء إلى أنّ العامل الأساس لانتصار المسلمين في حروبهم الحاسمة في ذلك العصر هو الشجاعة المنطلقة من الإيمان بالله والمنطق الرصين : (قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ).
وتأتي «الآية السادسة» لتستعرض وجهاً آخر من شجاعة هؤلاء المؤمنين في معركة احد ، ونعلم أنّ المسلمين في معركة احد قد أصابتهم الهزيمة النكراء بسبب غفلة طائفة من المسلمين الطامعين بحطام الدنيا الّذين تركوا مواقعهم الحسّاسة واشتغلوا بجمع الغنائم ، وهكذا اصيب المسلمون في هذه المعركة بخسائر كبيرة ، وطبقاً لما ورد في التواريخ أنّ
__________________
١ ـ سورة التوبة ، الآية ٥٢.