بالله تعالى وقدرته المطلقة ، وأمّا بالنسبة للإنسان الّذي ليس سوى ذرّة صغيرة من ذرات عالم الوجود الواسع ، فإنّ رداء العظمة والكبرياء بالنسبة له ليس حقّاً وليس من حقّه أن يرتدي هذا الرداء.
بعض المفسّرين ذهبوا إلى أنّ هذا القيد هو قيدٌ احترازي وقالوا : إنّ التكبّر على قسمين : تكبّر في مقابل أولياء الله فهو (بغير الحقّ) وفي مقابل ذلك التكبّر في مقابل أعداء الله وهو (بالحقّ) ولكن مع الالتفات إلى جملة (يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ) يتّضح جيداً أنّ هذا التفسير غير منسجم مع سياق الآية لأنّ التكبّر في الأرض وفي مقابل البشر جميعاً هو خلقٌ مذموم وقبيح بصورة مطلقة.
وعلى أيّة حال فإنّ الآية الشريفة تشير في سياقها إلى أهم آثار وعواقب التكبّر الوخيمة ، وهي أنّ مثل هذا الإنسان لا يذعن أمام آيات الحقّ ولا يؤمن بها بل على العكس من ذلك ، فإنّه وبسبب هذه الصفة الذميمة سيدخل أبواب الضلالة ، ويسلك سبيل الغي لدى مشاهدته فوراً.
أجل فإنّ صفة الكبر والغرور تمثل حجاباً على قلب الإنسان وروحه ممّا يتسبّب أن يرى الحقّ باطلاً والباطل حقّاً ، وبذلك يحجب عن الإنسان أبواب السعادة والنجاة ويفتح له أبواب الضلالة وعلى أساس أنّها أبواب السعادة ، فما أعظم شقاء الإنسان الّذي لا يرى علائم الحقّ ويتغافل عنها ويسلك طريق الضلالة والزيغ والانحراف ويتصور أنّ هذا المسير هو الّذي يؤدي به إلى السعادة والنجاة!!
«الآية الثانية عشر» تقول : (لا جَرَمَ أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ)(١).
وقد ورد ما يشبه هذا المعنى في القرآن الكريم مرّات عديدة من قبيل قوله :
__________________
١ ـ سورة النحل ، الآية ٢٣.