ما آذَيْتُمُونا وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ)(١).
ونستوحي من هذه الآية أنّ التمسّك بالتوكل على الله مقابل المشكلات والمصاعب الشديدة الّتي تفرضها الظروف الصعبة كان عمل جميع الأنبياء على طول التاريخ.
وفي الواقع أنّهم كانوا يقفون أمام طوائف الأعداء والمشاكل الكبيرة بالاستمداد من عنصر التوكل وينتصرون في نهاية المطاف ، ومن هنا يتبيّن دور التوكل في حياة البشر وخاصّة على مستوى القادة والمصلحين من الناس.
وفي الحقيقة إنما يمنح الأنبياء القدرة والقوّة رغم عدم وجود العُدة والعدد في مقابل قدرة الحكومات الكبيرة وقوى الإنحراف المختلفة ولا يشعرون مع ذلك بالتراجع والضعف والخوف هو حالة التوكل على الله والّتي تجعل «ما سوى الله» في نظرهم صغيراً وتافهاً.
والملفت للنظر أنّ الآية الواردة قبل هذه الآية (الآية ١١ من سورة إبراهيم) تقول : (وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ).
وفي هذه الآية الشريفة محل البحث نقرأ (وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ).
ومن إدغام هاتين الآيتين يستفاد أنّ المؤمن الواقعي هو المتوكل على الله ، وكذلك يستفاد من هذه الآية أنّ التوكل وليد المعرفة والهداية الإلهية كما أنّ الصبر والاستقامة في مقابل اعتداءات الأعداء وتحرّشاتهم وليد التوكل (فتأمل).
وتتعرض «الآية العاشرة» إلى ذكر نتيجة واضحة للتوكل على الله بحيث تعمل على حث الجميع لطلب هذه الحالة في واقعهم ، وتَعِدهم بالنجاة والنصر أيضاً وتقول : (وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللهَ بالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً)(٢)
وفي الواقع فإنّ الله تعالى أوعد جميع المتوكلين عليه بحل مشكلاتهم بشكل حتمي ، ثمّ استعرضت الآية الشريفة الدليل على ذلك وقالت : (إِنَّ اللهَ بالِغُ أَمْرِهِ).
__________________
١ ـ سورة إبراهيم ، الآية ١٢.
٢ ـ سورة الطلاق ، الآية ٣.