هذه المشكلات الكبيرة وقال : (فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ)(١).
وهذه الآية توضّح جيداً أنّ الإنسان مهما كان وحيداً فريداً مقابل تحدّيات الظروف الصعبة فإنه إذا كان يعيش التوكل على الله فلا يشعر بصعوبة هذه المشاكل ، لأن الله تعالى هو رب العرش العظيم وذو القدرة اللامتناهية الّتي لا تعتبر القوى الاخرى شيئاً بالنسبة لها ولا تأثير لها في مقابل قدرة الله ومشيئته ، فمن كان العرش والعالم الأعلى في قبضته فكيف يسمح لعباده المتوكلين عليه أن يخوضوا لوحدهم أمواج المشكلات أو يتركهم لوحدهم أمام أعدائهم الشرسين؟
وممّا يجدر ذكره أنّ البعض يرون أنّ هذه الآية والّتي هي آخر آية من سورة التوبة والآية الّتي قبلها هي من آخر الآيات الّتي نزلت على نبي الإسلام ، واللطيف أنّ الآيات الشريفة الّتي نزلت في أوّل البعثة تحوي هذا المضمون أيضاً وتدلّ على أنّ رأس المال الأصلي والدعامة الحقيقية لرسول الله صلىاللهعليهوآله في ذلك الزمان هي التوكل على الله ، فنقرأ في الآية ٣٨ من سورة الزمر الّتي نزلت في تلك الأزمنة من بداية البعثة قوله : «... قُلْ حَسْبِىَ اللهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكّلُونَ»
وعليه فإنّ النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله كان يعيش التوكل في بداية البعثة وفي نهايتها وفي جميع الأحوال ، وهذا الأمر هو السبب الأوّل في حركة النبي الأكرم في خطّ الاستقامة والثبات والنصر.
«الآية التاسعة» تتعرض للحديث عن جميع الأنبياء السابقين من زمان نوح عليهالسلام إلى الأنبياء الّذين جاءوا بعده وتقول عند ما واجه هؤلاء الأنبياء المخالفة الشديدة لأقوامهم ورأوا أنفسهم لوحدهم وقالوا : («وَما لَنا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللهِ وَقَدْ هَدانا سُبُلَنا وَلَنَصْبِرَنَّ عَلى
__________________
١ ـ سورة التوبة ، الآية ١٢٩.