اتَّبَعْتَنِي فَلا تَسْئَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْراً) (١).
وعلى هذا الأساس أراد الخضر عليهالسلام أن يُعلم موسى عليهالسلام درساً في روح الصبر والتأني أمام الحوادث والمسائل المختلفة في حركة الحياة ليتربى موسى عليهالسلام على هذه الصفة الأخلاقية ، ويسلك حياته الاجتماعية بعيداً عن حالة «العجلة والتسرع» في تعامله مع الواقع والحياة «خاصة العجلة في القضاء والحكم ولا سيّما بالنسبة إلى أعمال شخصيات كبيرة مثل موسى عليهالسلامء ومع هذا الوعد والشرط تحركا في مسيرهما وسفرهما حتّى وصلا البحر فوجدا سفينة تريد أن تتحرك وترحل فركبا فيها ، فلمّا مضت مدّة رأى موسى عليهالسلام أمراً عجيباً من الخضر عليهالسلام حيث شاهد الخضر عليهالسلام وهو يحاول ايجاد ثقب في اسفل السفينة سراً ، فلم يتمالك موسى عليهالسلام نفسه أمام هذا العمل الشنيع واعترض على الخضر بشدّة ، ولكنَّ الخضر عليهالسلام ذكره بوعده والشرط الّذي اشترط عليه ، فما كان من موسى عليهالسلام إلّا أن تراجع واعتذر عن فعله.
ثمّ استمر في طريقهما وسفرهما ، وفجأة ارتكب الخضر عملاً أعجب من الأوّل حيث شاهد صبياً فقتله ، وهنا صرخ به موسى عليهالسلام محتجاً عليه بانك لماذا تقتل الأبرياء ، ولما ذا ترتكب هذه الأفعال القبيحة؟
وهنا نجد الخضر عليهالسلام يذكره مرّة اخرى بعهده ووعده السابق من إلتزام الصبر والسكوت ، فأجابه موسى معتذراً عن هذا التسرع وقال له : إذا رأيت مني اعتراضاً للمرّة الثالثة فإنّ لك الحقّ في أن تنفصل عني.
ثمّ تحركا متنقلين من مدينة إلى اخرى إلى أن وصلا إلى قرية يتسم أهلها بالبخل الشديد وعدم اعتنائهم بالضيف ، ولكنَّ الخضر عليهالسلام لم يهتم لذلك بل شرَع في ترميم جدار وجده في حالة الانهيار والسقوط ، فرأى موسى عليهالسلام أنّ مثل هذا العمل تجاه ما رأوه من جفاء أهل هذه القرية هو عمل سخيف ، ولذلك نسي مرّة اخرى عهده مع الخضر عليهالسلام واعترض عليه في هذا العمل.
__________________
١ ـ سورة الكهف ، الآية ٦٥ ـ ٧٠.