أَكْفِلْنِيها وَعَزَّنِي فِي الْخِطابِ)(١).
وقبل أن يتحقق داود من المسألة ويدرس كافة تفاصيلها تسرع في الحكم «... (لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤالِ نَعْجَتِكَ إِلى نِعاجِهِ ...)(٢).
وهنا انتبه النبي داود عليهالسلام إلى انه ارتكب الترك الأولى (وَظَنَّ داوُدُ أَنَّما فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ راكِعاً وَأَنابَ)(٣).
وليس هذا البحث محلاً مناسباً لدراسة هذه الواقعة بتمام تفاصيلها الدقيقة «وقد بحثناها في التفسير الأمثل بالتفصيل» ولكننا نقتصر على بيان هذه الحقيقة ، وهي أنّ «العجلة والتسرع» وخاصّةً بالنسبة إلى القضاء والحكم بين الناس سيفضي حتماً إلى تعقيد الامور والفضيحة وتعميق المشكلة على المستوى الفردي والاجتماعي.
وتتعرض «الطائفة الثالثة» من الآيات محل البحث إلى قصة النبي يونس عليهالسلام ه تيلوئسمو العظيمة في الدعوة إلى الحقّ وهداية الناس إلى الله ، ولكنه في لحظة من اللحظات تساهل في أمر هذه المسؤولية الإلهية وارتكب الترك الأولى وبالتالي أصابه العقاب الإلهي بسبب ذلك.
والقصة هي أنّ النبي يونس عليهالسلام عاش مدّة طويلة مع قومه كالأب الحنون حيث تحمل مسؤولية انقاذ قومه من الضلالة والانحراف ، ولكنه لم يواجه منهم أمام منطقه الحكيم سوى السفسطة والمغالطة والسخرية ، ولم يؤمن له من قومه إلّا عدد قليل جدّاً ، ولعلّه لم يتجاوز الرجلين «أحدهما عابد والآخر عالم» ، وأخيراً فإنّ النبي يونس عليهالسلام أصابه اليأس من إيمان قومه ، فدعى عليهم باقتراح من الرجل العابد ، واستجاب الله دعاءه ، وأوحى إليه انه سينزل عليهم العذاب الإلهي في اليوم الفلاني ، وعند ما اقترب زمان نزول العذاب ترك النبي يونس
__________________
١ ـ سورة ص ، الآية ٢٣.
٢ ـ سورة ص ، الآية ٢٤.
٣ ـ سورة ص ، الآية ٢٤.