(فَتَعالَى اللهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً)(١).
ويستفاد من بعض الآيات القرآنية الاخرى أنّ النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله عند نزول الوحي كان يعيش حالة خاصّة من الشغف والشوق والحرارة تقوده إلى الاستعجال في استلهام الوحي ، ولذلك تصدت هذه الآية الشريفة لتذكير النبي صلىاللهعليهوآله بذلك ومنعه (.. وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً)(٢).
ورغم أنّ المفسّرين ذكروا احتمالات عديدة في تفسير هذه الآية الشريفة ، ولكنّهم متفقون على أنّ الآية ناظرة إلى أنّ النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله لا ينبغي أن يستعجل في استلام الوحي بالرغم من أنّ أصل الموضوع هو عمل إلهي ويتضمّن هداية الناس إلى الله تعالى.
وعلى الرغم من أنّ استعجال النبي صلىاللهعليهوآله في استلام الوحي أو تلاوة الآيات القرآنية على أصحابه أو طلبه بنزول الوحي كلّ ذلك كان بسبب عشقه وشوقه لهداية الناس ، ولكن حتّى هذا العمل الإيجابي والإنساني لا ينبغي أن يتم من موقع العجلة بل ينبغي أن يكون متزامناً مع الصبر والتأني.
«الآية الخامسة» تتحدّث عن جميع الناس ، أو بتعبير آخر عن طبيعة الإنسان وتقول : (خُلِقَ الْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ سَأُرِيكُمْ آياتِي فَلا تَسْتَعْجِلُونِ)(٣).
وكأن الإنسان في سلوكه وحركته في حياته إلى درجة من العجلة وكأن ذاته ونفسه قد عجنت بالعجلة فهي عين العجلة.
وتشير هذه الآية إلى أنّ طبيعة الإنسان مخلوقة منذ اليوم الأوّل بالعجلة والتسرع ، ولكنه يجب عليه استخدام هذه الحالة وسلوك طريق التسرع والعجلة بعد توفر المقدمات للعمل لا
__________________
١ ـ سورة طه ، الآية ١١٤.
٢ ـ المصدر السابق.
٣ ـ سورة الأنبياء ، الآية ٣٧.